الثلاثاء، ٢٢ يناير ٢٠٠٨

موقع العرب ومكانتهم في عصر ثقافة المعلومات

الكثير منا يعرف الدكتور نبيل علي، خبير تكنولوجيا المعلومات واللغويات الحاسوبية، و هنا نحن معه في حوار أجراه على قناة الجزيرة مع الإعلامي أحمد منصور في برنامج بلا حدود، وقد تطرق الحوار إلى الكثير من الموضوعات التي تهمنا جميعاً حول قضية المعلومات في الوقت الحالي والعرب و مكانتهم الضائعة بين هذا العالم، لذا أترك لكم أساتذتي وزملائي هذا الموضوع الشيق للقراءة

أحمد السيد



موقع العرب ومكانتهم في عصر ثقافة المعلومات

على غرار نتائج القمة العربية الدورية التي انتهت في عمان اليوم يأتي المشهد العربي في كل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية، فالسياسية دائماً تعكس جوانب الحياة المختلفة في المجتمعات، ويأتي واقع العرب في عصر ثقافة المعلومات ليكون محوراً هاماً يقتضي علينا فهمه في ظل السباق العالمي في مجال تكنولوجيا المعومات، وسعي الجميع للتفوق والسيادة، ولا أدري هل المصادفة وحدها هي التي جعلت مجلة (نيوزويك) العالمية تختار نفس موضوع حلقة اليوم ليكون غلاف عددها الذي صدر أول أمس تحت عنوان (العرب والتقنيات الرقمية)، أم هو من قبيل المصادفة أو الأهمية الكبرى لهذا الموضوع.

فإذا كانت إسرائيل قد نجحت في التفوق عسكرياً وتكنولوجياً على العرب، فإن أخطر ما تقوم به بعد تفوقها في مجال تكنولوجيا المعلومات هو أن تزيف تاريخنا وثقافتنا وتدمر لغتنا وتراثنا عبر تكنولوجيا الكمبيوتر، فيما هم يخادعون أنفسهم بأن الصراع طريق.. في طريقه للنهاية، بينما معطيات واقع تكنولوجيا المعلومات تؤكد أن صراع العرب مع إسرائيل لازال في بدايته.

وفي الوقت الذي اكتفى فيه السياسيون العرب ببيانات الشجب والإدانة لما تقوم به إسرائيل ضد العرب، أصبحت هناك مجموعة من الشباب العرب من محترفي الكمبيوتر يشنون هجمات منظمة على المواقع الإسرائيلية على شبكة الإنترنت، غير عابئين بما يردده السياسيون من أمنيات، غير أن هذا لا يكفي، فعصر المعلومات بحاجة إلى إعداد شامل، لأنه باختصار يعني تغييراً شاملاً يحدث في كل المجالات.

فأين نقف -نحن العرب- من عصر المعلومات؟

وما الذي يجب علينا أن نفعله.. لنلحق بالركب إن كان هناك مجال للحاق به؟

ملف هام وخطير أفتحه في حلقة اليوم مع الدكتور نبيل علي، أحد أهم وأبرز خبراء تكنولوجيا المعلومات واللغويات الحاسوبية في العالم العربي.

ولد الدكتور نبيل علي في مصر عام 38، حصل على البكالوريوس في هندسة الطيران عام 60، ثم على الماجستير 67 و الدكتوراة في هندسة الطيران عام 71 عمل في الفترة بين عامي 61 و 72 ضابطاً مهندساً بالقوات الجوية المصرية في مجالات الصيانة والتدريب، وفي العام 72 انتقل إلى مجال الكمبيوتر، حيث كان من أوائل العرب الذين احترفوا في هذا المجال. فعمل في الفترة بين عامي 72 و 77 مديراً للحاسب الآلي بشركة مصر للطيران، وكان أول من أدخل نظم الحجز الآلي بشركات الطيران في المنطقة العربية، ثم تقلد بعد ذلك مناصب ومستويات مختلفة في شركات عربية وعالمية في مجال الكمبيوتر في مصر والكويت وأوروبا وكندا والولايات المتحدة الأميركية حتى العام 83 حيث عمل مديراً لمشروع (صخر) للكمبيوتر، كما كان صاحب فكرة إنشائه ثم من العام 85 إلى العام 99 نائباً لرئيس مجلس إدارة شركة (صخر للبحوث والتطوير)، ويعمل الآن باحثاً متفرغاً في بحوث ثقافة المعلومات والذكاء الاصطناعي وتطبيقه على اللغة العربية.

عمل محاضراً في كلية الهندسة-جامعة القاهرة والجامعة الأميركية في القاهرة، صمم ما يزيد على ثلاثين برنامجاً للكمبيوتر ومعظمها طُرح في الأسواق، وتشتمل على سبيل المثال لا الحصر: برنامج القرآن الكريم، وبرنامج الصرف الآلي للغة العربية، وبرنامج الإعراب الآلي للغة العربية، وبرنامج التشكيل الآلي للغة العربية، وبرنامج التدقيق الهجائي للغة العربية، وقاعدة البيانات المعجمية للغة العربية، وبرنامج تعليم اللغة العربية للأجانب، وبرنامج القاموس عربي/إنجليزي، وبرنامج قواعد النصوص العربية والبحث واسترجع المعلومات العربية، وبرامج أخرى عديدة.

نشر له ما يزيد على خمسة وعشرين بحثاً في المجالات العلمية الدولية، وعشرين في المجالات.. في المجلات العربية، كما صدر له ثلاثة كتب هي "اللغة العربية و الحاسوب"، وكان أول كتاب يتناول العلاقة بين اللغة العربية والكمبيوتر، ثم "العرب وعصر المعلومات" الذي صدر عن سلسلة "عالم المعرفة" عام 94، ثم أحدث كتبه "الثقافة العربية وعصر المعلومات"، وقد صدر في عدد خاص عن سلسلة "عالم المعرفة" في يناير الماضي بمناسبة اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية.

د. نبيل علي أهلاً وسهلاً.

أحمد منصور: أود أن أسألك في البداية ما هو مفهوم ثقافة المعلومات؟
أحمد منصور: دكتور ما هو مفهوم ثقافة المعلومات؟

د. نبيل علي أولاً بداية كل عصر له ثقافة، فعصر الصناعة كان له ثقافته السائدة، وعصر تكنولوجيا الزراعة كانت له ثقافته السائدة.. السائدة، وبالتالي عصر المعلومات بما يحتمله من تغيرات جذرية كان لابد له أن يكون له ثقافته الخاصة، ولإبراز مفهوم ثقافة المعلومات دعنا نعرِّف ما هي الثقافة أصلاً يعني.

أحمد منصور: نعم.

د. نبيل علي وأنا أميل إلى تفتيت كلمة ثقافة إلى مجموعة من العناصر الفرعية، حتى تتضح ماهية الثقافة. أنا في رأيي أن الثقافة هي الفكرة، وهي التربية، وهي اللغة، وهي الإعلام، وهي الإبداع، وهي القيم والمعتقدات، وتكنولوجيا المعلومات ذات صلة وثيقة بكل هذه العناصر، فهناك تربية خاصة ومختلفة تسمى تربية عصر المعلومات، واللغة في عصر المعلومات بتلعب دور أساسي في تكنولوجيا المعلومات وفي طبيعة رسائل المعلومات المتبادلة، وإعلام عصر المعلومات –كما حضرتك عارف- له يعني بُعد معلوماتي كثير، وتكنولوجيا المعلومات تلعب دور خطير جداً إعلامياً، سواء على المستوى الإعلامي..

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ نحن أما نسيج عنكبوتي، أشبه ما يكون بالنسيج الذي تفرزه شبكة الإنترنت.

د. نبيل علي آه.. طبعاً.

أحمد منصور: ومفهوم الثقافة بالشكل الذي أوضحته يدفعنا إلى أن نحاول أن نفهم أياً ما هو مفهوم عصر المعلومات إذاً ما هو عصر المعلومات؟

أحمد منصور: دكتور، تحدث عن ثقافة المعلومات، وسألتك عن مفهوم عصر المعلومات أيضاً.

د. نبيل علي آه.. دعني بس أكمل مفهوم الثقافة بمعنى إن كل عنصر من هذه العناصر بيتعرض لنقلات فرعية.. نقلات نوعية حادة جداً يعني، وبالتالي قيم كثيرة جداً ومفاهيم كثيرة بتتغير، يعني مفهوم الحرية، مفهوم الديمقراطية، مفهوم المواطنة، علاقة الحاكم بالمواطنين، علاقة المؤلف بالقُراء، كل هذه العلاقات الاجتماعية بتتعرض حالياً لنقلات نوعية، هذا العصر الذي يسمى عصر المعلومات‎ -إجابة على سؤال حضرتك- هو عصر أصبحت فيه تكنولوجيا المعلومات هي التكنولوجيا السائدة التي تتداخل في جميع أنشطة المجتمع، وتسري في كيان جميع العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع، فتكنولوجيا المعلومات ليست فقط صناعة المعلومات فقط، ولكنها قاسم مشترك في جميع التكنولوجيات الأخرى، تكنولوجيا التعليم، تكنولوجيا الإعلام، تكنولوجيا الطب، تكنولوجيا الزراعة، تكنولوجيا الصناعة، تكنولوجيا.. جميع هذه التكنولوجيا أصبحت تعتمد بصورة أساسية على تكنولوجيا المعلومات، وأصبحت تكنولوجيا المعلومات هي محور التكنولوجيا في جميع الفروع، وبالتالي أصبح هذا العنصر هو العنصر السائد، وأصبح يؤثر على العمالة و..

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ يعني البشرية أمام نقلة تاريخية؟

د. نبيل علي آه، طبعاً، هذه النقلة طبعاً زي ما حضرتك عارف انتقل المجتمع من المجتمع الزراعي وكانت عمالة الزراعة هي السائدة، ثم اجتمع إلى مجتمع الصناعة وكانت عمالة الصناعة واقتصاد الصناعة هو السائد، ثم انتقل حالياً إلى مجتمع المعلومات، طبعاً المجتمعات المتقدمة انتقلت إلى هذا المجتمع، وأصبح العمالة السائدة فيه هي عمالة المعلومات، وأصبح الاقتصاد فيه، العنصر الحاكم فيه هو عنصر المعلومات والمعرفة.

أحمد منصور: أين موقعنا نحن العرب من ثقافة المعلومات وعصر المعلومات؟

د. نبيل علي هو ربما نقول إن نبدأ بأين نحن من عصر المعلومات؟ طبعاً هناك من يقول إن فيه كثير جداً من البلدان العربية لم تمر بمراحل المجتمعات ما قبل المعلومات وما قبل الصناعة وربما يكون الحديث على مجتمع المعلومات حديث فيه نوع من أنواع القفزة على الخطوات في التطور الاجتماعي.

أحمد منصور: يعني إحنا لازلنا إحنا نعيش في العصر الزراعي مثلاً؟!

د. نبيل علي مثلاً هو.. يقال مثل هذه الآراء، ولكن صعب جداً إن إحنا نقول إن المجتمع العربي كله بالنسبة لعصر المعلومات يمكن أن نعتبره وحدة متجانسة. فمثلاً دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة توفر الإمكانيات بتحقق تقدم في مجال تكنولوجيا المعلومات أكثر من الدول التي لا تتوفر لها هذه الموارد، مصر طبعاً وتونس بتلحق بهذه العملية، لبنان في موقف يعني مناسب، سوريا حالياً عن طريق اهتمام الرئيس بشار بالإنترنت بدأت.. يعني تدخل في هذا المجال. فصعب جداً إن نقول إن فيه موقف عربي عام، لكن هذا الموقف بصفة عامة أقل من توقعاتنا، وأقل..

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ إيه الأسباب؟ ما هي الأسباب؟

د. نبيل علي الأسباب عديدة: أولاً.. أولاً.. عدم توفر البُنى التحتية لنظام المعلومات. وثانياً: كان عدم توفر الكوادر الفنية الخاصة بهذا. ثالثاً: الطلب على المعلومات لم يتوفر بالقدر الكافي الذي يجعل قطاع المعلومات يعني ينمو بمعدل سريع، ناهيك بقى على إن يعني إقامة صناعة معلومات تتطلب أنواع من التشريعات ومن الضمانات للاستثمارات، ومن يعني التنظيمات الدينامية التي تستطيع أن تتجاوب مع سرعة التغير التكنولوجي اللي بيحصل في مجال المعلومات.

أحمد منصور: في المقابل إسرائيل عدو عسكري، وعدو ثقافي في نفس الوقت، ما هو واقع إسرائيل المعلوماتي والثقافي في عصر ثقافة المعلومات مقارنة بالواقع العربي؟

د. نبيل علي هو طبعاً إسرائيل لو نبص معلوماتياً ولو مثلنا تكنولوجياً المعلومات إلى عناصرها الثلاثة المعروفة، اللي هو الـ Hardware (العتاد) والبرمجيات اللي هو Software والاتصالات اللي هي Communication هنجد الحقيقة السافرة إن إسرائيل استطاعت أن تؤمن موقفاً حصيناً لها في هذه الثلاث عناصر.

أحمد منصور: كيف؟

د. نبيل علي كيف؟ بدأت مثلاً معهد (وايزمان) من سنة 1954م في بداية ظهور الكومبيوتر بدأ يطور كمبيوتر كبير، ونجحوا يعملوا حاسب شخصي للأغراض العسكرية في مرحلة مبكرة، وفي مجال الـ Chips Technology لهم برضو مجالات متخصصة في صناعة الشرائح الإلكترونية، في مجال Communication مثلاً أطلقوا قمر صناعي للاتصالات سنة 96، نشيطين جداً في مجال الألياف الضوئية التي تلعب دوراً كبيراً في إقامة طرق المعلومات السريعة، بيعملوا سنترالات رقمية في العملية دي بالنسبة للـ Software وده خطير جداً في برمجيات التعليم.

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ اللي هي نظام البرامج وإعدادها..

د. نبيل علي ]مستأنفاً:[ البرمجيات لدرجة إن (شيمون بيريز) وهو يتسلم جائزة نوبل للسلام يعني كان عايز يهدي العرب بكرمه نظام التعليم بالكمبيوتر الذي تم تطبيقه في المدارس الإسرائيلية، فطبعاً ده يعني الكثير بالنسبة لنا، تبقى الطامة الكبرى أن تنتقل هذه البرمجيات إلى مدارسنا في هذا..

أحمد منصور: لكن إسرائيل كيف حققت هذا النجاح.. كيف حققت النجاح من البداية في 54 إلى الآن؟ وكيف وصلت إلى مستوى أن مائة شركة من بين شركات الكمبيوتر المعروضة في البورصة الدولية المعروفة تحت اسم نازداك (Nazdac) هي شركات إسرائيلية، في الوقت الذي لا تملك فيه الولايات المتحدة أكثر من 120 شركة فقط؟

د. نبيل علي أنا.. أولاً إسرائيل من بداية نشأتها اهتمت جداً بالتطور العلمي والتكنولوجي، وأنشأت في مرحلة مبكرة معهدين للبحوث مشهورين جداً معهد.. معهد (تكنون) ومعهد (وايزمان) هذا التوجه العلمي على مستويات القيادة السياسية رسخ مفهوم العلم والتكنولوجيا في الكيان الإسرائيلي. وثانياً: ارتباط إسرائيل الوثيق بالتكنولوجيا الأميركية بصفة خاصة جعل لهم نوع من أنواع المد التكنولوجي والعلمي الذي يستطيع أن يعني يستعينوا به في المرحلة الحالية، ولا ننسى طبعاً إن نسبة المتعلمين والعلماء في المجتمع.. الإسرائيلي نسبة عالية جداً لدرجة..

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ لأنهم يستقطبون اليهود من كل أنحاء العالم.

د. نبيل علي طبعاً ده هم رقم 2 بعد اليابان في نسبة العلماء والفنيين في المجتمع.

أحمد منصور: طب الآن خطورة هذا يا دكتور، خطورة تقدم إسرائيل معلوماتياً على العرب، أولاً في المجال العسكري، ثانياً في المجال الثقافي؟

د. نبيل علي طبعاً استخدام.. استخدام تكنولوجيا المعلومات في التطبيقات العسكرية لا يخفى على أحد، مهم جداً، من القنابل المصوبة بالكمبيوتر، إلى استخدام يعني طائرات الاستكشاف، إلى الصواريخ المضادة للصواريخ في تكنولوجيا المعلومات بتلعب دور أساسي، وغالباً يعني هي بتستورد من أميركا، لكن برضو إسرائيل لها دور في إنها فعلاً نجحت إنها يكون لها قدرة ذاتية في تطبيق تكنولوجيا المعلومات عسكرياً، ثم بعد أن يعني قَلَّ الطلب على المعدات العسكرية بدؤوا –بنجاح- يحولوا الصناعات الإلكترونية العسكرية إلى القطاع المدني، واستفادوا خاصة إن إسرائيل بتتميز إن علاقة مراكز التطوير والبحوث بمراكز الإنتاج علاقة وثيقة نتيجة للارتباط الوثيق بالمجهود الحربي في عصر الصناعات الإلكترونية.

أحمد منصور: نعم.

د. نبيل علي دي نقطة، النقطة الثانية: إن إسرائيل حالياً يعني بتتخلص من الصناعات التقليدية وبتروح للصناعات كثيفة المعرفة وكثيفة المعلومات، لأن عدد السكان قليل، فبيتخلضوا من الصناعات كثيفة العمالة إلى الصناعات كثيفة التكنولوجيا حتى يتناسب مع النمط الديموغرافي بتاع المجتمع الإسرائيلي، وهذا هو التحدي الحقيقي يعني، همّ كانوا في مخطط Sorry يا فندم كانوا.. اتفضل.

أحمد منصور: اتفضل.. أنا بس يعني.. ربما كثير من المشاهدون.. من المشاهدون يرون أن حديثك بهذا الشكل عن قدرات إسرائيل يدخل في مجال تلميع إسرائيل وتثبيط همم العرب في المقابل.
أحمد منصور: أستقبل مداخلاتكم على الفاكس رقم 002025782132 أو على هواتفنا في الدوحة 009744888873 كذلك على موقع (الجزيرة نت) على شبكة الإنترنت، وإن كان هناك خلل -رغم أن موضوعنا على الكمبيوتر- لكنه من موقع الـ Server في الولايات المتحدة الأميركية آملين في حله.

دكتور هل أنت بهذا تروَّج لقدرات إسرائيل بحيث تصيب العرب بالإحباط؟

د. نبيل علي أنا يمكن أواجه بهذا.. بهذا الموقف، وأنا في كتابي "العرب وعصر المعلومات" وكتابي "الثقافة العربية وعصر المعلومات". تكلمت عن إسرائيل في العشرين صفحة الأولى في.. في موجز عبارة عن خمس صفحات، وباقي الـ 560 صفحة كنت بأعرض: كيف يواجه العرب هذا التحدي، لكن أن نجعل من إسرائيل ثقب أسود لا نعرف ما يجري داخل الكيان الإسرائيلي، وهم يعرفون ما لدينا أضعاف ما نعرفه عنهم، هذا غير مقبول في عصر المعلومات وشفافية المعلومات وأنا.. وأنا أدرك تماماً إن المجتمع العربي لو استغل موارده الحقيقية يستطيع أن يتفوق معلوماتياً وثقافياً على المجتمع الإسرائيلي..

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ يعني إحنا لدينا قدرة على مواجهة إسرائيل معلوماتياً رغم هذا التقدم الهائل لديهم والتأخر الواضح لدينا؟

د. نبيل علي بالطبع.. بالطبع، على مستوى المعلومات وعلى مستوى الثقافة أنا بأعتقد إن قدرات المجتمع العربي لو أُحسن ترشيد استغلال هذه الموارد نستطيع أن نتفوق على إسرائيل، لأن بصراحة..

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ قل لي كيف يا دكتور، كيف نستطيع أن نتفوق على إسرائيل في ظل هذا الواقع الذي أشرت إليه، منذ العام 54 وإسرائيل تطور في تكنولوجيا المعلومات والكمبيوتر لديها، تستعين بخبرات العلماء اليهود من كل أنحاء العالم.

د. نبيل علي بالظبط.

أحمد منصور: الولايات المتحدة مفتوحة على مصراعيها، تداخل بين الشركات الإسرائيلية والشركات الأميركية، ونحن العرب لا يوجد أي خطة استراتيجية حتى الآن للنهوض بمستوى التعليم، أو الدخول حتى إلى عصر الكمبيوتر بالمواصفات التي أشرت إليها؟

د. نبيل علي أنا طبعاً بأفترض.. بأفترض إن فعلاً.. إنه سيكون لتنفيذ هذا المخطط للتفوق على إسرائيل معلوماتياً وثقافياً أن سيكون هذا في إطار سياسة عربية قومية في مجال تكنولوجيا المعلومات، سياسة عربية معلوماتية.

أحمد منصور: نعم.

د. نبيل علي وفي غياب سياسة واستراتيجية عربية يبقى الكلام عن الحلول والتفوق نوع من أنواع يعني الكلام الذي ليس له أساس.

أحمد منصور: وحالياً لا توجد سياسة.

د. نبيل علي هو المشكلة أن هناك عدة سياسات وهناك استراتيجيات.. عدة استراتيجيات وضعت، ولكنه لم يتم التنسيق الكافي بين الدول العربية حتى تتبلور في هذه السياسة.. في إصدار سياسة قومية، نبص كده لسياسات التربية، كان هناك استراتيجية للتربية العربية، هناك كان بعض مشاريع للتنسيق وعمل شبكات للمعلومات بين الدول العربية، هناك مشروعات كانت مشروعات مشتركة في مستوى الصناعات الإلكترونية. ولكن كل هذا توقف وأنا بأعتقد إن فعلاً إحنا الوقت قد حان والقيادات السياسية العربية بدأت تعي أهمية وضع تكنولوجيا المعلومات في قمة الأولويات السياسية أسوة بما تم في الدول التانية، من سنغافورة إلى ساحل العاج، ومن الحزب الديمقراطي الأميركي إلى حزب العمال البريطاني، يعني..

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ لكن للأسف (النيوزويك) في.. في عدد.. عدد هذا الأسبوع، واختارت نفس موضوع حلقة اليوم الذي صدر أول أمس، تقول يعني إن العرب ما فيش فايدة يعني، يعني العرب لا يمكن رغم إنها -كما أشرت حضرتك- استشهدت بنمو أمم مختلفة، لكن بالنسبة للعرب تقول إن يعني خلاصة ما ذكرته إنه يعني لا يمكن أن ينهضوا.

د. نبيل علي اسمح لي أقول: أنا بأتابع (النيوزويك) فيما يخص مقالاتها عن الدول في علاقتها بتكنولوجيا المعلومات، وهذه المقالة عن العالم العربي هي نهاية سلسلة من المقالات بدأت بسنغافورة الدولة النموذج الشبكية، التي نجحت في دخول عصر المعلومات، ثم تبعتها بالهند والتي أصبحت ثالث دولة في توريد الـ Software والبرمجيات، ثم جاءت بعد ذلك لتقول لنا كلمة ورسالة صريحة أن عصر.. أن العرب لا يمكن أن يلحقوا بعصر المعلومات، وربطوها برضو بأحاديث عن صراع الحضارات وأن هناك يعني عوائق جوهرية في الكيان والفكر العربي والعقل العربي والقدرة العربية تعجز عن اللحاق بالعصر، ولكن أن بأعتقد أن مثلاً بلد زي دبي وعملت مدينة الإنترنت، أنا بأعتقد أن دبي تستطيع أن تلحق بسنغافورة في مدى سنتين أو ثلاثة، وتحقق نفس المستوى اللي حققته سنغافورة لو توفرت الموارد وتوفرت العلاقات التنسيقية بين الجهات الحكومية وشبه الحكومية والقطاع الخاص، وتم حشد الموارد في الاتجاه الصحيح، في إطار استراتيجيات ومشاريع بحثية جديدة.

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ يعني الأمر بحاجة إلى قرار سياسي؟

د. نبيل علي طبعاً كل شيء في العالم العربي يمر من بوغاز السياسة يعني زي ما حضرتك عارف.

أحمد منصور: الآن بدأ ما يسمى بحرب المواقع على شبكة الإنترنت، مجموعات من الشباب العرب تحضر لهجوم معين، تعمم على المواقع العربي، يتم الهجوم في وقت ما حتى دمرت مواقع لوزارة الدفاع الإسرائيلية، ومواقع هامة بالنسبة للإسرائيليين وهم كذلك أيضاً..

د. نبيل علي ]مقاطعاً:[ آه، طبعاً.

أحمد منصور ]مستأنفاً:[ يشنون هجمات مقابلها، هل يعتبر هذا شكلاً من أشكال الصراع؟

د. نبيل علي آه، طبعاً، هو المشكلة شبكة الإنترنت شبكة صعب السيطرة عليها، لأنها شبكة بلا عنصر حاكم أو بلا جهة حاكمة مركزية يعني..

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ يعني الآن فقدت الولايات المتحدة السيطرة عليها بالفعل؟

د. نبيل علي لا طبعاً، الذي يقول هذا الكلام يبقى دا كلام مش مظبوط ليه؟ لأن اللي بيتحكم في الشبكة هو اللي بيتحكم في البنية التحتية، مين اللي بيعمل المواسير يا أستاذ أحمد؟

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ حتى البنية التحتية لنا مرتبطة بالولايات المتحدة!

د. نبيل علي تتابع بالظبط، لا.. لا اللي يقول إن الولايات المتحد يعني تاركة الإنترنت بدون تحكم من.. من الخلف يعني هذا كلام يعني.. يعني غير واقعي، أميركا هي بتتحكم في البنية التحتية للإنترنت، هي اللي بتوضع الأنابيب، المواسير، قصدي الكابلات التي.. هي اللحم البروتين اللي بيتم عليه الشبكة وبالتالي..، ثاني حاجة هي اللي بتتحكم في البرمجيات الأساسية التي يتم عليه الشبكة، سواء عن طريق مايكروسوفت Microsoft أو عن طريق نت سكيب Netscape في العملية دي، دا إعطاء عناوين للمواقع بتتم عن طريق أميركا، مسيطرين حتى على تسمية المواقع هّم في العملية دي. ولكن إن أميركا تظل تسيطر على الإنترنت لا تزعجنا نحن فقط، ولكن بتزعج برضو الاتحاد الأوروبي، وبتزعج اليابان، وبتزعج دول كثيرة وهي دول اسكندنافيا وكل هذا.

معنى ذلك أن هناك يعني انزعاج من جميع الدول غير الناطقة بالإنجليزية لسيطرة أميركا على تكنولوجيا الإنترنت والمعلومات.

أحمد منصور: أنا لو رجعت لإسرائيل باعتبار قضية الصراع العربي الإسرائيلي بدأت تدخل –كما ذكرت أنت- أن ثقافة المعلومات وعصر المعلومات فيها تغيير شامل في كل شيء، فهناك بعض المعلومات التي وردت في كتابك الأخير ومن خلال مصادر أخرى مختلفة أن إسرائيل الآن بدأت مرحلة جديدة من الصراع مع العرب، تهدف إلى تزييف التاريخ العربي..

د. نبيل علي ]مقاطعاً:[ بالظبط.

أحمد منصور ]مستأنفاً:[ تشويه القرآن الكريم، الحديث النبوي، السيرة، كل هذه الأشياء بدأت تعد لها برامج وتنشرها.

د. نبيل علي ]مقاطعاً:[ بالظبط.

أحمد منصور ]مستأنفاً:[ عبر شبكة الإنترنت والعرب نائمون.

د. نبيل علي لا.. طبعاً يعني إن إسرائيل تعي أن في حالة الحرب أو السلام أو اللاحرب واللاسلم سيكون للمعلومات دور خطير جداً، وإسرائيل طبعاً متمرسة جداً في استخدام سلاح الثقافة في العملية دي، شيمون بيريز قال في.. في وهو بيمضي اتفاق القاهرة: "أن المعلومة أخطر من المدفع" معنى ذلك إنهم بيعوا تماماً أن المعلومة سيتم استغلالها كسلاح لتقويض القدرة العربية وتزييف وتشويه موقف الثقافة العربية. على.. على مستوى مواقع الإنترنت طبعاً بيتم حشد كبير جداً للعداء ضد المواقع العربية بتحالف اليهود مع المواقع التانية، وأنا بأعتقد إن إسرائيل واعية جداً إن الهزيمة الحقيقية للعرب إن هزمت على يعني صعيد الثقافة، وأنا بأعتقد إن..

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ إيه معالم حرب الثقافة الآن اللي إسرائيل بتخوضها ضد العرب؟

د. نبيل علي واحد.. أولاً.. أولاً: بتثبت للعالم أن العقل العربي غير قادر على اللحاق بالعصر، أنها الواحة الديمقراطية الوحيدة وسط نظم متخلفة.

النقطة التالتة: أن هناك في العقيدة الإسلامية وفي نظام القيم العربي وفي.. وفي عقدة الاستبداد كما قال.. الاستبداد الشرقي، كما قال (ماكس ويفر) يعني اللي بيقول إن فعلاً العرب لا يمكن أن ينهضوا، ولا يمكن أبداً أن يعني يتصلوا بهذا العصر ويتصلوا بقيمه، وأن التخلف كامن في العقيلة دي.

ناهيك بقى على إعادة بناء التاريخ، المعلومات قادرة على إعادة بناء التاريخ، أنا بأتذكر عالم آثار إسرائيلي بعد ما فشلت جهود التنقيب على البحث على ما يدعم مزاعمهم آه.. هه فيما يتصوروا هم في التوراة قال: "لسنا بحاجة إلى دعم من الآثار لأن إسرائيل أصبحت من القوة بحيث مش محتاجة هذا الدعم". معنى ذلك إن إسرائيل ستزيف هذا مثلاً في حديقة الألفية لـ (والت ديزني)، تم تزييف تاريخ القدس حتى يصبح فعلاً الموقف الإسرائيلي فيما يتعلق بـ.. يعني استيلائهم على القدس أكثر تبريراً للمشاهد الغربي أو للزائر الغربي لحديقة الألفية.

أحمد منصور: طب، من خلال تكنولوجيا المعلومات كيف تقدم إسرائيل نفسها إلى العالم؟ وكيف يقدم العرب أنفسهم؟

د. نبيل علي إسرائيل بتقدم نفسها إلى العالم على أنها موازييك من الثقافات، كانت الأول إسرائيل في بداية نشأتها عاوزة تخلي كل الكيان الإسرائيلي ده عبارة عن كيان منصهر في بوتقة واحدة وفي تجانس ثقافي واحد، ولكن حالياً إسرائيل وعت إن التنوع الثقافي ده مصدر من مصادر القوة في عصر المعلومات.

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ اللي هم اليهود الذين جاءوا من الشتات من كل أنحاء العالم.

د. نبيل علي والشتات طبعاً، وأنا فيه 70 نوع من أنواع الأعراق ومن الجنسيات المختلفة، وهمَّ بيصوروا نفسيهم إن هم هذا البستان من الثقافات التي تم تجميعها من دول الشتات في العملية دي.

النقطة التانية: إن هم الدولة التي تجمع بين القديم –ويطرحوا القدس كمثال- والحديث كتل أبيب، وإن همّ الدولة التي تستطيع أن تربط بين روحانيات الشرق وديمقراطية وقيم الغرب، وإن همّ طبعاً يتنوعوا بالتنوع اللغوي، عندهم كذا لغة وهذا التنوع اللغوي يعتبر ميزة في عصر المعلومات.

أحمد منصور: رغم أن العبرية اللغة الرسمية للدولة.

د. نبيل علي آه، لكن همّ عندهم لغات كثيرة جداً..

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ كالروسية وغيرها، نعم.

د. نبيل علي ]مستأنفاً:[ نتيجة الكيانات المنصهرة.

أحمد منصور ]مقاطعاً:[ في المقابل كيف يقدم العرب أنفسهم من خلال المواقع الموجودة على الإنترنت وكمصدر رئيسي للمعلومات؟

د. نبيل علي هو طبعاً لو قارنا بين.. أنا قمت بدراسة للمقارنة بين المواقع العربية والإسلامية على الإنترنت بس دي كانت من سنتين وتحتاج إلى تحديث وكنت أنا أضع تملي مقارنة بينها وبين النظير اليهودي يعني، طبعاً مواقعنا من الناحية التكنولوجية أقل لأن همّ طبعاً متقدمين عننا تكنولوجياً، لكن الأخطر من كدا إن مواقعنا يغيب عنها عنصر التنسيق، ويغلب على النبرة في الرسالة الإعلامية على الإنترنت الانفعال والتصادم، يعني مثلا.. ويركز دائماً على القيم والمعتقدات، ولا يركز على الطيف العريض للثقافة العربية، يعني يتكلم شوية عن الزخرفة والعمارة، لكن ما بقي بعد ذلك من أمور الثقافة لا تعني شيء.

في المقابل إسرائيل مواقعها بتتكلم من الفولكور إلى الفلسفة، ومن تعليم..

أحمد منصور [مقاطعاً]: بتكامل وتنسيق..

د. نبيل علي [مستأنفاً]: طبعاً، طبعاً تنسيق خطير جداً، ومن..

أحمد منصور [مقاطعاً]: هنا كل واحد عامل لنفسه موقع من العرب وبيقول اللي عاوزه.

د. نبيل علي آه بالظبط. وجميع المواقع والوثائق الإسرائيلية تلاقيها ليها يعني Links.. حلقات ربط بين الوثائق الثانية، ويبدو طبعاً إن فيه نوع من التخطيط المركزي غير الواضح، ولكن فيه تخطيط مركزي شديد جداً في العلمية دي. ويهتموا جداً بجميع فئات الأعمار، من الأطفال، إلى.. إلى كبار السن، حتى الشاذين جنسياً.. بالنسبة لإسرائيل لهم مواقع، ويدوهم..، يعني نوع من أنواع التغطية الشاملة في هذا.. في هذا المجال.

ناهيك بقى على إنهم بيقيموا أنواع من التحالف بين اليهودية والمسيحية ضد.. ضد العملية دي، وهاك بعض مواقع للكنائس دلوقتي متحالفة تماماً في أميركا.

أحمد منصور [مقاطعاً]: الكنائس الإنجيلية، هناك 70 مليون أميركي متحالفين مع.. مع إسرائيل ويؤيدونها.

د. نبيل علي [مستأنفاً]: آه.. هذا النوع من التحالف يناظره إن إحنا عجزنا عن إحنا نقيم حوار إسلامي مسيحي فعَّال، في حين الحوار الإسلامي المسيحي.

أحمد منصور [مقاطعاً]: اليهودي المسيحي.

د. نبيل علي [مستأنفاً]: اليهودي المسيحي عبر الإنترنت بيبقى له أهداف معينة، عاوز يستخلص مواقف معينة عاوز يستصدر من الفاتيكان ورجال الأديان في الفاتيكان قرارات معينة تخلي العلاقة أكثر يعني سلاسة بين اليهودية..

أحمد منصور [مقاطعاً]: دكتور.. ما هو مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي في ظل..، من خلال وسائل المعلومات؟ وسائل المعلومات وعصر المعلومات وتكنولوجيا المعلومات ستلعب دوراً في حسم هذا الصراع؟

د. نبيل علي بس أنت جاوبني تفترض وجود يعني.. سلام أو وجود حالة الصراع الموجود حالياً؟

أحمد منصور: ما أعتقدش فيه سلام إحنا كل يوم الآن.. فيه اتفاقيات سلام، لكن كسلام واقعي إحنا بنتكلم عن واقع الآن.

د. نبيل علي أنا بأعتقد.. بأعتقد إن إسرائيل يعني سـ.. ستشن علينا عبر الإنترنت وعبر أسلحة المعلومات وعبر تكنولوجيا المعلومات حرب شرسة جداً، حتى -يعني- تمزج بين القوى اللينة اللي بنسميها الـ.. soft poweers مع الـ hard powers، لأن طبعاً هم بيستطيعوا..

أحمد منصور [مقاطعاً]: القوى اللينة تقصد المعلومات و..

د. نبيل علي المعلومات وجميع القوى الرمزية وهم..

أحمد منصور [مقاطعاً]: والتانية القوى العسكرية.

د. نبيل علي القوى العسكرية، هذه القوى اللينة، المجتمع العربي مفكك، والقوى اللينة بتجد فرصة شديدة إنها تنفذ خلال أخاديد التفكك في المجتمع العربي في العملية..، فإسرائيل بتعي هذا وإسرائيل فعلاً وراء يعني وضع أخاديد في الكيان العربي حتى لا يلم.. حتى لا يلتئم الشمل، لأن أهم عنصر -في رأيي- في إنقاذ المجتمع العربي هو التكتل حالياً، ولم الشمل الثقافي، ولم الشمل الاجتماعي، وإعادة الوجدان العربي من حالة التشتت ده، لأن إحنا لازم نقر إحنا بأيدينا أو بأيدي غيرنا الوجدان العربي لم يعد وحدة متماسكة، وهناك كثير من محاور الـ.. عدم الألفة التي حدثت بين مواطني العالم العربي.

أحمد منصور: لدينا محاور كثيرة وهناك ضغوط من المشاهدين، وأعتذر للإخوة المشاهدين عن الخلل الموجود في موقع "الجزيرة نت"، رغم أن حلقتنا عن الكمبيوتر، لأن هناك حقيقة أكدها الدكتور، وهو أن كل الكابلات من الولايات المتحدة، والخلل عندنا من الـ server الخاص بموقعنا الموجود في الولايات المتحدة الأميركية، نأمل أن يتم حل المشكلة، ونحن معكم على الهواء جميل بابلو من قبرص، اتفضل يا أستاذ جميل.

جميل بابلو: مساء الخير، ألو.

أحمد منصور: أستاذ جميل..

جميل بابلو: أيوه، سامعني؟ ألو.

أحمد منصور: محمد بن علي من فرنسا.

جميل بابلو: ألو.

محمد بن علي: سلام عليكم.

أحمد منصور: محمد طاهر من فرنسا، يبدو أن هناك خلل في الاتصال إلى أن يتم إصلاحه.

محمد طاهر:.

أحمد منصور: فيه هناك أيضاً مفهوم الثقافة والمثقف في إطار ما ذكرته في بداية الحلقة عن أننا في عصر سيقتضي تغيير أو عصر ثقافة المعلومات أو عصر المعلومات يقتضي تغيير في كل شيء: في التربية، في الإعلام، في السياسة، في كل شيء. في الثقافة.. حتى المثقف سيتغير مفهومه، أو ينبغي أن يتغير مفهومه ونحن الآن فعلياً في عصر المعلومات؟

د. نبيل علي آه طبعاً، المثقف لابد أن يكون هو رأس الحربة في.. يعني في قيادة هذا الركب نحو التغيير الجذري لـ.. لطبيعة المجتمع يعني، وطبعاً أصبحت.. السؤال: أي نوع من المثقف يعني نريده، وطبعاً لو نبص كدا على الدراسات التي تمت، الدراسات التي تمت، الدراسات التي تمت على تحديد نوعية المثقف وتحديد مواصفاته ليتناسب مع متطلبات العصر، هنلاقي المجتمعات المتقدمة وفكر الحداثة وما بعدها وصل إلى نوع من أنواع إن هناك نوعين من المثقفين: مثقف بيسموه مثقف الذي يتعامل مع كبريات السياسة وبيسموه الـmacro poletics ، أهه.. ومثقف يتعامل مع صغريات السياسة أو الـ micro politics يعني بيمثلوا المثقف الأولاني بمثقف (سارتر) المناضل المشتبك الذي يتعرض للقضايا العامة من الحرية والظلم الاجتماعي وضرورة يعني تثبيت العدالة الاجتماعية، والمثقف التاني، هو لأ..، الذي يناقش قضايا الثقافة على مستوى المؤسسات الأصغر وعلى مستوى المشاكل التفصيلية زي قضية الرجل.. علاقة الرجل والمرأة، علاقة الأقليات، علاقة المؤسسات التربوية والإعلامية. بيقولوا إن فعلاً الرجل المثقف..

أحمد منصور [مقاطعاً]: مفهوم المثقف في الغرب اختلف عما كان عليه من قبل؟

د. نبيل علي طبعاً.

أحمد منصور: ماذا أصبح مفهومه الآن مقارنة بواقعنا نحن العرب؟

د. نبيل علي أولاً المثقف يعني مثقف عصر المعلومات بيسموه التكنومثقف أهه، يعني هو الرجل الذي يستطيع فعلاً أن يربط بين الثقافة والتكنولوجيا حالياً، ولا يوجد مثقف أوروبي حالياً لا يعني أهمية تكنولوجيا المعلومات وأثرها على التغيرات الاجتماعية..

أحمد منصور [مقاطعاً]: معنى ذلك أن ما يسمى بالمثقفين العرب يعين سيكون طريقهم إلى المتحف إذا لم يسعوا للحاق بركب عصر المعلومات..

د. نبيل علي طبعاً هناك تحديات خطيرة للمثقف العربي كي يلحق بتكنولوجيا المعلومات، تحديات من الداخل، وتحديات من الخارج، وتحديات في إعداد نفسه لهذه النقلة النوعية، وأنا بأعتقد إن المثقف العربي أول هم ليه حالياً أن يعني ويدرب نفسه على ما تعينه الـ culture soper أو ثقافة المعلومات في العملية دي.

أحمد منصور: في طل العولمة واكتساح ثقافة المعلومات هناك إرهاصات تتحدث عن أن اللغة العربية أصبحت مهددة الآن، في ظل أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الشاملة لما يسمى بعصر ثقافة الكمبيوتر، العرب متأخرين في اللحاق بعصر ثقافة الكمبيوتر، هناك لغات بتنضب كل يوم وتنتهي، أصبح كل عربي الآن لا يعرف اللغة الإنجليزية بينه وبين ثقافة المعلومات فاصل كبير، هل اللغة العربية مهددة بالفعل؟

د. نبيل علي أولاً قضية اللغة العربية أو قضية اللغات غير الإنجليزية حتى لا نضع العربية في موقع منفرد، أنا لسه جاي في مؤتمر من اليونسكو كان بيدرس قضية التنوع اللغوي وخطورة الانقراض اللغوي المهدَد.. المهدِد للغات العالم،.. فيه في العالم آلاف لغة نصفها مهدد،وكل أسبوعين هناك لغة بتنقرض من العالم!! كل أسبوعين بتنقرض لغة من.. بتختفي لغة بكل ما تعنيه هذا من اختفاء رصيد ثقافي عظيم جداً.

طبعاً فرنسا يعني رائدة الثقافة العالمية منزعجة جداً أن تسود اللغة الإنجليزية ساحة ثقافة المعلومات، في نفس الوقت اليابان أيضاً -لأنها واعية أ اللغة بقى لها بعد تكنولوجي قلقة جداً من سيطرة اللغة الإنجليزية على العملية دي، وبدأ الكلام دلوقتي يتكلم على الهوة اللغوية التي تفصل بين اللغة الإنجليزية ولغات العالم طبعاً اللغة العربية ضمن اللغات المهددة بأن يكون هناك هوة ما بين اللغة الإنجليزية واللغة العربية، ولكن دعنا نقر حاجة، إن في مجال تطبيق تكنولوجيا المعلومات على اللغة العربية أنا بأعتقد إن دي أحد الجبهات اللي العرب كانوا واعيين ليها وحققوا إنجازات معقولة جداً بالنسبة..

أحمد منصور [مقاطعاً]: هل اللغة العربية لديها القدرة لاستيعاب ثورة وثقافة المعلومات؟

د. نبيل علي يعني تقتصر أنها لا تستطيع أن تتجاوب مع المعرفة الجديدة والمصطلحات الجديدة؟ طبعاً هذا كلام يعني أنا أرفضه بشدة من حيث إن اللغة العربية فيها كل الآليات التي تجعل اللغة العربية لغة رائعة في عصر المعلومات، وأن.. بل على العكس إن اللغة العربية لو تم معالجتها آلياً بواسطة الكمبيوتر ممكن تصبح نموذج يمكن تطبيقه على اللغات الأخرى. يعني أنا في تجربتي الشخصية لما طبقت الكمبيوتر على اللغة العربية كان من السهل علىَّ جداً أن أستطيع أن أطبقه نفس النموذج العربي دا الكمبيوتري على اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية واللغة الألمانية، لأن اللغة العربية تتميز بخصائص تسمح لها أن تكون وسطاً لغوياً بين لغات العالم يعني.

أحمد منصور: بيدو أن هناك أيضاً خلل في الاتصالات.. هل الدور الذي تقوم به المجامع اللغوية العربية يسري في مستوى أيضاً عصر المعلومات؟

د. نبيل علي أستاذ أحمد أنت مسيت نقطة أنا تملي بتثير على يعني غضب أهل المجامع يعني، أنا بأعتقد إن مجامع اللغة العربية لم تصل حتى الآن إلى المستوى المطلوب من الآداء، لعدة أسباب ربما توفر الموارد، أو توفر السلطات، التي تتناسب مع مطالب تهيئة اللغة العربية لعصر المعلومات، القضية التي ينشغل بها المجامع هي قضية المصطلح أساساً، ولكن قضية اللغة في عصر المعلومات أصبحت أشمل من ذلك بكثير.

مثلاً القضية قضية اللغة أصبح التنظير اللغوي مهم جداً، أصبح تعليم اللغة وتعلمها في عصر المعلومات ليه خصائص مختلفة تماماً عن تعليمها قبل عصر المعلومات. أصبحت عملية الأبعاد السياسية والاقتصادية والإعلامية للغة تختلف، من حسن الحظ إن المؤتمر الحالي بيناقش لغة الإعلام في.. في هذه الدورة، ودا من حسن الحظ، ومن حسن الحظ أيضاً.

أحمد منصور [مقاطعاً]: تقصد مجمع اللغة العربية؟

د. نبيل علي آه عامل مؤتمر حالياً السنوي بتاعه بيقوم حالياً بدراسة أثر..

أحمد منصور [مقاطعاً]: هناك تعتيم إعلامي أيضاً على كل أنشطة المجامع اللغوية، وكأنها أصبحت شيئاً من مخلفات العصور الماضية.

د. نبيل علي هي يعني الذي ييثير الحسرة إن المجامع بتتخذ قررات وتتخذ سياسيات لغوية ولكنها لا تلقى يعني مجال لتنفيذها.

أحمد منصور: يعني هناك انفصام، أنت تحدث عن أسباب تفوق إسرائيل بأن هناك كل شيء مرتبط بالآخر وهناك تنسيق، هنا كل.. في الدول العربية "كل يغني على ليلاه" ولا يوجد اتصال بين هذا وذاك، بحيث إن ما فيش أي تكامل.

د. نبيل علي آه، بس من.. من الظلم إن الواحد يقول..، إنه فعلاً فيه بعض جهود قامت بها المجامع في.. في مجال المصطلحات، مجمع اللغة الأردني بيقوم بعدة أنشطة في مجال علاقة تكنولوجيا المعلومات..

أحمد منصور [مقاطعاً]: وليس هناك تنسيق مع وزارات التربية، وليس هناك تنسيق مع وزارات الإعلام، ولا مع أي شيء في المجتمع.

د. نبيل علي لا والأخطر من ذلك -يا أستاذ أحمد- ليس هناك قدرة على تنفيذ سياسات أو قرارات المجمع، المجمع العربي لا.. لا المجمع المصري اتخذ قرارا بعدم استخدام المصطلحات الإنجليزية في الـ.. يفط المحلات، وإلى الآن هذا قرار سياسي،لم.. يصعب تنفيذه إذا عجزنا على تنفيذ مثل هذا القرار البسيط فحدثني بقى متى يكون أوان الهمة فيما يخص اللغة التي تعتبر أهم ركيزة في تهيئة المجتمعات العربية لعصر المعلومات. أنا بأعتقد إن إحنا امتهنا اللغة العربية، ولابد للقيادات السياسية العربية أن تعي أن بداية الحل للتربية وللإعلام وللثقافة لابد أن تبدأ من.. من موقع اللغة. وأنا بأعتقد إن فعلاً احترام فرنسا للغتها، وإنجلترا للغتها، واليابان للغتها، والـ.. والفنلنديين للفنليدية، أساس..

أحمد منصور [مقاطعاً]: رغم أنها شعوب..

د. نبيل علي صغير.. آه.

أحمد منصور: أحياناً لا يزيد عدد السكان عن عدة ملايين.

د. نبيل علي [مستأنفاً]: طبعاً، الحمية اللغوية كبيرة جداً، ولكن إحنا هنا صحيح بنقول إن اللغة العربية قادرة، ولغة إنسانية، ومن أقدم لغات الإنسان، و17 قرن صامدة، ولكن أين هو الجهد الحقيقي السياسي والاقتصادي والثقافي والإعلامي الذي يجعل من اللغة بؤرة اهتمامنا في تطويرنا الثقافي؟

وأنا لا أعتقد أنه يمكن تطوير الثقافة العربية دون أن تكون اللغة هي نقطة البداية.

أحمد منصور: آمل أن يكون الخلل في الاتصالات قد تم حله، أحمد السامرائي من الإمارات.

أحمد السامرائي: السلام عليكم.

أحمد منصور: عليكم السلام ورحمة الله.

د. نبيل علي أهلاً وسهلاً.

أحمد السامرائي: دكتور سؤالين فيه عندي، هل تعتقد إنه الأموال المتدفقة على شركات التقنية والتكنولوجيا العربية ستكون حافز لتطوير.. شركات تقنية المعلومات في المنطقة، أو بما هو معروف بمفهوم الـ.. ventuer.. وخاصة إنه في منطقة الكيان الصهيوني تنضخ 2.7 مليار دولار في عام 96 في شركات التكنولوجيا الناشئة الصغيرة، كان 4.8 مليار في عام 1997م، فالمنطقة العربية الآن واضعة 50 مليون دولار صندوق لدعم شركات التكنولوجيا الصغيرة اللي في مصر، و50 مليون دولار أخرى في دبي يعني المجموع 100 مليون دولار لغاية الآن، أنا أعتقد الشباب العربي هم هي اللي دفعت التكنولوجيا للإمام لو تم دعمهم بـ بمبالغ مالية.

السؤال الثاني: هل تعتقد أن الكيان الصهيوني..

أحمد منصور [مقاطعاً]: سؤالك الثاني.

أحمد السامرائي [مستأنفاً]: سيقوم بدور مماثل بضرب مرتكزات التكنولوجيا العربية في مصر أو دبي لتحجيم دور العرب في تقنية المعلومات كما فعلها سابقاً في ثورات المعدات العسكرية والطاقة النووية في العراق؟ شكراً.

أحمد منصور: شكراً لك، سؤالين هامين يا دكتور.

د. نبيل علي طبعاً حضرتك أثرت سؤال مهم جداً، توفر رؤوس الأموال خاصة رأس المال المجازف، الذي يمكن أن يدعم صناعة عربية في مجال المعلومات، مازال الاستثمار في مجال المعلومات إلى فترة يعني.. إلى الآن تقريباً غير جذاب للاستثمار العربي التقليدي، رؤوس المال العربية..

أحمد منصور [مقاطعاً]: بسبب؟

د. نبيل علي بسبب أولاً لم تتوفر إلى الآن الحماية الكافية للاستثمارات نتيجة إن مثلاً أهم الاستمارات هي في مجال البرمجيات، حماية البرمجيات لم تحظ أخيراً إلا أخيراً ببعض الاهتمام من الدول العربية، ولكن..

أحمد منصور [مقاطعاً]: هم يحموا البرمجيات الأميركية!!

د. نبيل علي ما هو.. ما هو ده بقى، ده بقى يا أستاذ أحمد الذي يثير يعني الألم، أول ما شركة مايكروسوفت وكبرى شركات البرمجيات أعلنت إنها هناخد موقف -طبعاً مدعمة من الحكومة الأميركية- أصبحت الحكومات العربية فعلاً حامية لهذه الملكية الفكرية، إحنا بتقول: إحنا عازوين نوع من الحماية برضو للصناعات الوليدة العربية في مجال المعلومات، ولا يمكن مستثمر عربي يضع رأس مال مجازف لاحتمالات الربحية على المدى الطويل إلا لو توفرت له مثل هذه الضمانات، فأنا بأعتقد فعلاً إن هذا نوع من أنواع الاهتمام.

النقطة الثانية: إن من أهم الأشياء في تكنولوجيا المعلومات هي التكنولوجيا المتعلقة بمعالجة اللغة العربية بالكمبيوتر، ودي القطاع الخاص ساعات ينظر إليها إلى إنها ليست مهمة القطاع الخاص أساساً، ولكن مهمة المنظمات الحكومية أو شبه الحكومية، ولذلك هذا النوع من الاستثمار لابد أن يتم بصيغ تسمح بنوع من أنواع التضامن بين الحكومي وغير الحكومي والعام والخاص في العملية دي، لكن أنا..

أحمد منصور [مقاطعاً]: إسرائيل هل يمكن أن تضرب مرتكزات تكنولوجيا المعلومات كما ضربت المفاعل النووي العراقي؟

د. نبيل علي طبعاً..، مثلاً زي ما حضرتك قلت حرب المواقع، طبعاً زي ما إحنا بنشن عليهم حرب هم ممكن يشنوا عليهم حرب يعني، لكن طبيعة يعني طبيعة تكنولوجيا المعلومات طبيعة تكنولوجيا المعلومات لست مواقع مبنية على العمل الذهني ورأس المال الذهني، وبالتالي صعب جداً إن هو يضرب بنفس الطريقة التي تضرب بها الموارد المادية في العملية دي، ولكن.. ولكن ممكن جداً إن هم بقى يعني يحوطوا علينا ويمنعوا إن التكنولوجيا العربية إنها ترقى في.. في عالم العولمة..

أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعاً طالماً الولايات المتحدة هي التي تملك المفاتيح..

د. نبيل علي [مستأنفاً]: طبعاً، ولاحظ إن إسرائيل حاولت عن طريق دعم أميركي إنها تقيم مشاريع لتعريب نظم الكمبيوتر.

أحمد منصور: دي أخطر شيء.

د. نبيل علي آه لتعريب، يعني مثلاً.

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني الآن عملية التعريب التي تقوم بها لإسرائيل وما يمكن أن يكون فيها من تدمير للثقافة العربية وللغة العربية وللواقع العربي ولكل شيء.

د. نبيل علي طبعاً دا كان فيه مشروع اقترحوه آل.. اقترحوه يعملوا مشروع مشترك بين طرف أميركي وحكومة الأردن وإسرائيل لتعريب نظم الإنترنت، طبعاً الحمد لله إن حكومة الأردن رفضت هذا.. هذا التوجه، وإلا كان العبور إلى الإنترنت..يعني زي العبور إلى معابر غزة بقى، هم اللي ما سكين علينا الحنفية في العملية دي..

أحمد منصور [مقاطعاً]: محمد طاهر.. محمد طاهر من فرنسا.

محمد طاهر: آلو، السلام عليكم.

أحمد منصور: عليكم السلام.

د. نبيل علي عليكم السلام.

محمد طاهر: بأرحب بالأخ الدكتور الضيف أول شيء بالنسبة للدكتور أرجو إنه يعذرني لأنه معلوماتي في المعلوماتية قليلة ومتواضعة جداً، أنا اختصاصي رياضيات.

أحمد منصور: سؤالك..؟

محمد طاهر: نعم، في الحقيقة فيه سؤالين، أول شيء: ألا يعتقد الدكتور إنه نظام المعلومات في الدول العربية يعني أقصد الحاسوبات الإلكترونية أنها كلها يتجسس عليها، يعني مربوطة في حاسوبات أخرى وموجودة في الولايات المتحدة وفي دول أخرى، يعني هأجيب مثال للأردن مثلاً، يعني كل المعلومات الموجودة في الحاسوبات الإلكترونية موجودة في الأردن مرتبطة في الحاسوبات الإلكترونية الموجودة في الولايات المتحدة السؤال الثاني حول التجسس..

أحمد منصور [مقاطعاً]: من أين لك هذه المعلومة يا محمد؟

محمد طاهر: نعم هذا.. قيل هذا الخبر أنا سمعته في التلفزة الفرنسية، السؤال الثاني حول التجسس الاقتصادي.

أحمد منصور: سؤالك الثاني؟

محمد طاهر: حول التجسس الاقتصادي يعني هناك يعني مثلاً أنا أجيب مثال إنه كان فيه صفقة، صفقة اقتصادية بين شركة فرنسية وشركة.. والحكومة السعودية، وللأسف إنه هذه الصفقة لم تتم، لأنه هناك حصل عليها تجسس معلوماتي من الولايات المتحدة، ولسوء الحظ أن هذه الصفقة لم تتم، يعني هناك فيه خطر آخر موجود هو التجسس الاقتصادي وهذا أخطر من التجسس السياسي والسلام عليكم وحمة الله وبركاته.

أحمد منصور: شكراً لك، فواز سالم -من قبرص- فواز تفضل.

فواز سالم: آلو، مرحباً دكتور.

أحمد منصور: حياك الله، سؤالك؟

فواز سالم: دكتور سؤالي يتعلق بالشباب العربي اللي عندهم إمكانية واهتمام بالغة العربية، هل أنه يوجد مواقع معينة أو شركات معينة ممكن أن يتوجهوا لها لغرض إبراز مواهبهم؟ وإحنا نعرف إنه الشاب العربي هو عنده عقلية ذكية جداً ومستمرة من كتير من الدول الموجودة بأوروبا.

أحمد منصور: شكراً لك يا فواز، موسى شادي من ألمانيا معنا، موسى لازلت معنا؟، سؤالين من محمد طاهر، وفواز سالم -من قبرص- عملية التجسس وما قيل عن أن كل جهاز كمبيوتر به قطعة مرتبطة.. يعني خاصة السوبر باور super power الأجهزة الكبيرة فيها قطع مرتبطة بأقمار صناعية بحيث تتجسس الولايات المتحدة على كل المعلومات التي يتم إدخالها في هذه الأجهزة. والنقطة الثانية: التجسس الصناعي.. الاقتصادي.

الاثنين، ٢١ يناير ٢٠٠٨

*** الدوريات الإلكترونية ***

الدوريات الإلكترونية ماهيتها، وجودها
ومستقبلها فى المكتبات العربية


مستخلص
تتناول الدراسة التعريف بالدوريات الإلكترونية، ومميزاتها وفوائدها للمكتبات وللمستفيدين، والتحديات والمشكلات التى تواجه المكتبات فى تعاملها مع الدوريات الإلكترونية، وأساس اختيارها بالمكتبات وتجارب مع المكتبات مع الدوريات الإلكترونية، وأخيراً مستقبل الدوريات الإلكترونية فى المكتبات العربية.

مقدمـة :
خلال القرن العشرين تعاملت كافة أنواع المكتبات مع أوعية ومصادر المعلومات الورقية، ووضعت كل الأسس والمعايير لتنظيمها بموجب شكلها الورقى من الاختيار والتزويد إلى الفهرسة والتصنيف وصولاً للخدمات، مركزة بالذات على الكتب والدوريات. ولكنها واجهت أشكالاً جديدة من هذه المصادر فقد ظهرت المصغرات منذ عقد الثلاثينات من القرن العشرين ودخلت المواد السمعية البصرية إلى مجاميع المكتبة إبان الحرب العالمية الثانية ثم جاءت الأشرطة والأقراص الممغنطة لتحمل المعلومات المقروءة آلياً فى عقد الستينات مع دخول الحواسيب إلى المكتبات. تلتها تقنية الأقراص الليزرية المكتنزة بكل أنواعها وأشكالها / CD-ROM Multimedia /DVD وغيرها والتى انتشرت خلال عقدى الثمانينات والتسعينات. كلها عدت نوع من التحديات للمكتبات ولكنها استطاعت احتوائها جميعا والتعامل معها.
ويبرز هذا التحدى بسبب التطورات السريعة والمتلاحقة فى مجال تكنولوجيا المعلومات وانعكس ذلك على مفهوم المطبوعات الإلكترونية electronic publications وتطورها إلى مطبوعات بالنص الكامل Full text والصورة Image وتقنيات النص المترابط Hyper text مع تطور أساليب واستراتيجيات البحث فى النصوص الكاملة بطريقة هائلة محققة أساليب بحثية مرنة فعالة قوية سهلة واستخدام الروابط الذكية Smart Link والتفاعل والتكامل الكبيرين بين هذه المطبوعات من خلال الاتفاقات التعاونية لأجل الإتاحة الكاملة لكل مطبوعاتهم إلكترونياً عبر شبكة محكمة من الاتصالات والترابط نتجت عنها زيادة الاتجاه نحو الدوريات الإلكترونية العلمية والبحثية والعامة مؤكدة تزايد الاتجاهات لما يعرف بالنشر على الإنترنت Internet Publishing.
والآن يمكن أن نتساءل لماذا أطلق على المصادر التحدى الجديد للمكتبات؟ لكون هذه المصادر متاحة ولكن غالباً ليس لها كيان فعلى أو وجود داخل المكتبة (Accessible not Available) لتتمكن المكتبة من السيطرة عليها والتعامل معها وإتمام إجراءاتها الإدارية والفنية المألوفة فى التسجيل والتحليل وإعداد الإحصاءات والحفظ. فهذه معلومات إلكترونية رقمية، سريعة، بعيدة، منتشرة، متجددة، متغيرة، ربما غير دائمة الصدور والوجود فقد تظهر وتختفى بسرعة كبيرة.
وهكذا وجدت المكتبات نفسها ومع مطلع الألفية الثالثة فى مواجهة موقف جديد يتطلب تغيير معايير كثيرة فى التعامل مع أوعية معلومات كانت ولا تزال من أهم مصادر المعلومات لكل فئات المستفيدين فى العالم (إلا فى الدوريات) أوعية معلومات منتشرة فى كل بقاع العالم ومتاحة لكل المستفيدين فى أى مكان وزمان فى مواقع عبر شبكة الإنترنت، ولكنها لا تبدو تحت سيطرة العاملين فى المكتبات مئة بالمئة. ومن هنا جاءت أهمية هذه الدراسة.

أهداف الدراسة :
تسعى الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية :
1- تعريف المكتبة العربية والعاملين فيها بأحدث مصدر معلومات إلكترونى متاح حالياً.
2- تشجيع المكتبات العربية وتهيئتها لخوض هذه التجربة ومواجهة التحدى الجديد لمصادر المعلومات الإلكترونية من خلال عرض التجارب العالمية فى هذا المجال.
3- تحسيس المهنيين بما يجرى من تحولات جذرية فى مفهوم وفلسفة التخصص من خلال هذا الموضوع لرسم المستقبل الواضح والمتوافق مع الاتجاهات العالمية فى مجال علم المكتبات والمعلومات.
تعريف الدوريات الإلكترونية E-journals :
إن هذا المصطلح بات من المصطلحات الحديثة التى تزداد يوماً بعد آخر لتشمل قطاعات كبيرة من مصادر المعلومات والموضوعات ذات العلاقة بعلم المكتبات بعد تأثرها الكبير بتكنولوجيا المعلومات. لقد تعودنا كثيراً على مصطلح النشر الإلكترونى الذى شاع خلال عقد الثمانينات وحتى بداية عقد التسعينات من القرن العشرين ثم تبعه مصطلح مصادر المعلومات الإلكترونيةElectronic Resources ليشمل كافة مصادر المعلومات المتاحة والمنتجة إلكترونياً، وبعد توسع قاعدة هذه المصادر وتنوعها لم يعد المصطلح وحده كافيا فكان لابد من التخصيص وإيجاد مسميات مناسبة لكل مصدر. وكانت الدوريات السباقة فى هذا المجال، وما مشروع ADONIS إلا مثال واضح ومهم للتحول نحو الدوريات الإلكترونية مصطلحا ونشراً وتعاملاً. هذا المشروع والذى ظهر فى منتصف عقد الثمانينات فتح الأبواب الواسعة أمام التحول الكبير للدوريات من شكلها الورقى إلى الشكل الإلكترونى وبالتالى فتح باب تحدى جديد وكبير أمام المكتبات.
ما هى الدورية الإلكترونية ؟
يشمل المصطلح مجموعة متنوعة من الدوريات يمكن تقسيمها وفق الآتى(1):
1- دوريات تظهر (متوفرة) بشكل إلكترونى فقط أى ليس لها بديل أو أصل ورقى سابق Electronic Format Only.
2- دوريات أصبحت تظهر (متوفرة) بشكل إلكترونى فقط بعد أن كانت تظهر ورقياً أى كان لها أصل ورقى ثم توقف Electronic only of a former printed journals.
3- دوريات تظهر (متوفرة) بشكلين : الورقى التقليدى والرقمى الإلكترونى Electronic & print format .
4- كذلك يمكن استخدام هذا المصطلح أيضا للمقالات والبحوث المنفردة
(single e-articles) (2)التى تظهر حال قبولها للنشر فى المجلة وقبل ظهور العدد بشكله الشامل وذلك لإتاحة الفرصة أمام الباحثين والمستفيدين للحصول على المعلومات بصورة سريعة جداً.
كما ويمكن أن يستخدم هذا المصطلح ليشمل الدوريات المتوفرة على وسائط إلكترونية مثل : (3)
1- الدوريات المتوفرة على الأقراص الليزرية المكتنزة CD-ROM.
2- الدوريات المتوفرة والمتاحة على الخط المباشر Online من خلال قواعد بيانات ومراصد معلومات.
3- الدوريات التى يتم التعامل معها عبر شبكة الإنترنت ومتوفرة على الوب Web (لها web site).
مميزات وفوائد الدوريات الإلكترونية وتأثيرها على المكتبات والمستفيدين
مما لاشك فيه أن أى تطور جديد فى شكل أوعية ومصادر المعلومات له مميزاته وفوائده على كل من المكتبة والمستفيدين فى آن واحد. ولقد لمسنا آثار التطورات التكنولوجية المتلاحقة خلال العقدين السابقين والتى من أغلب فعاليات المكتبات وإجراءاتها وطبيعة خدماتها وأسلوب تقدمها للمستفيدين. ونحاول هنا أن نستعرض مميزات وفوائد الدوريات الإلكترونية وتأثيرها على كل من المكتبة والمستفيدين.
مميزات وفوائد الدوريات الإلكترونية على المكتبات
1- الاقتصاد الهائل فى أماكن الحفظ والتخزين
وهذه الفائدة أو الميزة هى امتداد لكل أنواع تكنولوجيا المعلومات التى اقتحمت أسوار المكتبات ومصادر معلوماتها منذ استخدام المصغرات الفيلمية ولحد الآن. الدوريات الإلكترونية حلت مشكلة تخزين الأعداد القديمة Back issues واختصرت كثيراً من الأماكن والمساحات المخصصة لعرض الأعداد الجارية Current issues فلم تعد هناك حاجة لمثل هذه المساحات، فالدوريات موجودة عبر شاشة الحاسوب.
2- ساعدت الدوريات الإلكترونية المكتبات على التخلص من مشكلة سرقة الأعداد وتشويه الصفحات والتخزين بالنسبة للتعامل مع النسخ الورقية (4).
3- الاقتصاد فى النفقات والذى يتمثل – حسب رأى الباحثين – بالآتى :
- إن الاقتصاد الكبير فى أماكن الحفظ يعنى استثمار المواقع لأغراض أكثر جدوى وفاعلية للمكتبة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذا الاختصار المساحى وفر على المكتبة التفكير فى مشكلة التوسعات المستقبلية وكلفها المادية العالية.
- الاقتصاد فى نفقات التأثيث وشراء العارضات ورفوف حفظ الأعداد القديمة.
- الاقتصاد فى نفقات التجليد والترميم والصيانة.
- الاقتصاد فى كل نفقات الفهرسة والفهارس وغيرها.
- الاقتصاد فى نفقات أجور بعض الموظفين غير الفنيين لأداء أعمال روتينية بسيطة.
4- فتحت أمام المكتبات آفاقا كبيرة لتوسيع قاعدة مجموعة الدوريات المتاحة دون الحاجة لوجودها فى المكتبة. بعبارة أوضح صار بإمكان المكتبات أن توفر لمجتمعها من المستفيدين آلاف العناوين من الدوريات دون تفكير فى مشكلة السيطرة عليها أو تخزينها فالاشتراك فى الدوريات الإلكترونية لا يعنى غالباً وجودها الفعلى فى المكتبة.
5- أن الاحتفاظ بالأعداد القديمة المجلدة لكافة الدوريات الورقية صار من الإجراءات المكلفة اقتصاديا خاصة على المدى البعيد مع تناقص القيمة البحثية لها. وهذا مبدأ معروف فى التعامل مع الدوريات وهو مبدأ التقادم (obsolete) فكلما قدمت الدورية – خاصة فى مجال العلوم والتكنولوجيا – تقادمت قيمتها المعلوماتية والبحثية وتلاشى استرجاعها من قبل المعنيين – وتظل عبئاً كبيراً على كاهل المكتبة.
6- ساعدت الدوريات الإلكترونية العديد من المكتبات على التخلص من مشكلة تتبع المقالات المطلوبة وتوفيرها بالوقت المناسب للمستفيدين ومشكلة وصول الأعداد وتأخر وصولها وفقدانها وهكذا. وفى الواقع لم تعد هناك حاجة إلى التبادل التعاونى والانتظار ربما لأيام أو أسابيع من أجل الحصول على العدد المطلوب من المجلة.
مميزات وفوائد الدوريات الإلكترونية على المستفيدين :
1- الإتاحة accessibility.
1-1- الإتاحة المباشرة والمتجددة والدائمة، فالوصول مستمر 24 ساعة فى اليوم و 7 أيام فى الأسبوع وهكذا. فقد صار بإمكان المستفيدين إرضاء حاجتهم البحثية دون التقيد فى برمجتها وفق ساعات دوام المكتبة.
1-2- الإتاحة بغض النظر عن التواجد الموقعى فى داخل المكتبة فالآن يستطيعون تصفح وقراءة الدوريات من موقع العمل كالمكتب أو المختبر أو الجامعة وهذه الإتاحة لم تعد الآن ترفا اجتماعيا ومعرفيا فالباحث اليوم ليس لديه الوقت الكافى لترك العمل لتتبع نسخة من مقالة فى مكتبة ما. وإنما يمكن أن يستخدم (Desktop) من خلال (Laptop) لإجراء البحث ثم الحصول على نسخة مطبوعة مباشرة.
1-3- الإتاحة لأكثر مستفيد Multi-user access ولنفس المقالة والبحث فى آن واحد وهذا كان ولا يزال من الأمور الصعبة التنفيذ مع الأشكال الورقية.
1-4- الإتاحة السريعة جدا، فالعديد من الدوريات الإلكترونية أصبحت متاحة على الوب بمدة لا تقل عن أسبوع أو أسبوعين قبل ظهور نسخها الورقية ولقد ظهر حالياً ما يعرف بالمقالة الإلكترونية فكثيراً ما تجد الآن مقالات إلكترونية Electronic Article عبر شبكة الإنترنت تظهر بشكل انفرادى قبل ظهور مجلتها وحال قبولها للنشر. وقد شجعت المجلات ذاتها هذه الفكرة فلم تعد تهتم بتأخير النشر لحين تجميع كافة المقالات بل تسارع فى النشر أولاً بأول لما يصلها من مقالات وبحوث.
2- المرونة العالية فى التعامل معها وتغيير العادات القرائية للمستفيدين وهذا برأينا- من أهم مميزات الدوريات الإلكترونية، وتتمثل بالآتى :
2-1 سهولة التصفح والتنقل بين مقالات وصفحات الدورية الواحدة أو العديد من الدوريات فى آن واحد بشكل تفاعلى مع وجود الروابط Links والنص المترابط Hypertext. وبلاشك فإن هذا النوع من التصفح أكثر فاعلية ومرونة من التصفح للمجلات الورقية بين رفوف العرض والتخزين(5).
2-2- المرونة فى أسلوب الحصول على المقالة أو البحث وبشكل مباشر إما بطباعتها (الحصول على نسخة ورقية) أو على قرص مرن (download) أو من البريد الإلكترونى (File Attachment). وهذه الطريقة حلت للمستفيدين مشكلة النسخ أو التصوير للمجلة الورقية خاصة وأغلب المكتبات لا تعير ولا تسمح بإخراج المجلة خارج أسوارها.
2-3 إنها فعلاً لعبت دوراً مهماً فى تغيير العادات القرائية وأسلوب البحث عند المستفيد، فلم يعد من الأهمية تتبع عنوان محدد وقراءة صفحة محتويات الوصول إلى المطلوب . فالكلمات المفتاحية keywords أو الواصفات descriptors الدالة والمعبرة عن الموضوعات المطلوبة أصبحت المفاتيح الحقيقية للوصول إلى المقالة المطلوبة. ووفرت تطورات تكنولوجيا المعلومات المتمثلة بالبرمجيات وإمكاناتها العالية الجودة فى ربط النصوص hyperlinks لتأمين التنقل الحر والمرن بين المقالات وعناوين الدوريات فى أكثر من قاعدة وموقع على الوب مع توفر المعلومات الرقمية النصية والصوتية والصورية Multi-media وإتاحتها بشكل تفاعلى ومتكامل كل هذا أثر كثيراً فى فلسفة البحث وصار استخدام الدوريات الإلكترونية من الأمور المفيدة علمياً والممتعة والمسلية أيضاً وانعكس ذلك إيجابياً على رضا المستفيدين من هذا المصدر المهم قياساً بالبحث التقليدى فى المكتبات.
2-4 المرونة العالية فى الاسترجاع وإمكانية تحقيق الدقة العالية (high precision) لفاعلية آليات واستراتيجيات البحث فى قواعد البيانات وخدمات تكشيف الدوريات الإلكترونية وقوة محركات البحث (search engines) فى نظم استرجاع المعلومات المتاحة إضافة إلى ما ذكرناه فى أعلاه وفر للمستفيد نقاط إتاحة لا حصر لها لجمع أكبر قدر ممكن من المقالات ذات العلاقة الدقيقة والمباشرة بموضوع بحثه وإضافة إلى ما تقدم هناك فوائد ومميزات مشتركة للمكتبات والمستفيدين فى آن واحد وأهمها :
(1) لم يعد طول المقالة فى المجلة محدداً فقد أصبح الكاتب حراً فى كتابة بحثه أو مقالته، بعبارة أخرى لم يعد للمجلة الإلكترونية حد أعلى من الصفحات. ونجد فى هذه النقطة فائدة للكاتب والمؤلف أكثر من المكتبة والقارئ.(6)
(2) يكون الشكل الإلكترونى – فى كثير من الأحيان – الشكل الوحيد المتوفر وهو الفرصة الوحيدة المتاحة أمام المكتبة والمستفيد للحصول عليها خاصة إذا كانت تحمل معلومات علمية وبحثية مهمة.
التحديات والمشكلات التى تواجه المكتبات فى تعاملها مع الدوريات الإلكترونية
على الرغم مما ذكرناه من مميزات وفوائد لا يستهان بها فى التحول نحو التعامل مع الدوريات الإلكترونية سواء للمكتبات أو المستفيدين. فالتحول بلاشك جذرى خاصة للمكتبات لأن التغيير هنا ليس شكلياً فحسب بل تغييرا كاملاً لمعظم إجراءات التعامل والسيطرة على الدوريات اليدوية والتقليدية خاصة بما يخص التزويد والفهرسة فهنا نتحدث عن مصدر معلومات ليس له وجود فعلى فى المكتبة غالباً.
ونظراً لأهمية الموضوع سنحاول هنا طرح أفكار وآراء بعض الكتاب ممن خاضوا هذه التجربة لنكون دليلاً لمكتباتنا العربية فقد ذكر لنا Quinn Brian مجموعة التحديات والمشكلات مثل : (7)
1- ضرورة توفر البنية التحتية الملائمة. ويقصد بها هنا المواصفات المثالية المتكاملة للحواسيب وشبكات الاتصال والبرمجيات الفعالة المناسبة والقدرات والمهارات البشرية للتعامل معها (إجراءات التزويد والفهرسة والسيطرة عليها) وتقديم خدمات للمستفيدين، وقد لا تتوفر كل هذه الأمور بنفس الكفاءة لدى العديد من المكتبات وهذا سيؤدى بالتالى إلى تفاوت الفرص أمام المستفيدين للاستفادة منها.
2- لا تزال المجلات الإلكترونية تفتقر إلى المعايير والمقاييس الموحدة للتعامل معها. فقراءة بعض المجلات تحتاج إلى استخدام أنواع مختلفة من البرمجيات مثل Adobe Acrobat / Common Ground/ Republic وهذا معناه على المكتبات امتلاك وتخزين أكثر من برمجية وربما يشكل هذا الإجراء عبئا ماليا وتكنولوجيا عاليه.
3- عدم استقرار ظهور الدوريات الإلكترونية (instability) خاصة التى ليس لها بديل ورقى واختفاءها السريع مما يضيع الفرصة للمكتبات والباحثين من تتبعها وبالتالى مشكلة اختيارها وحفظها والنشر فيها ودخولها ضمن خدمات التكشيف والاستخلاص العلمية.
4- الصعوبة فى الاستشهادات المرجعية citation للدورية الإلكترونية. فالكثير من هذه المجلات أصبحت تظهر بصورة مختلفة عما عهدناه بالشكل الورقى حيث المقالة محددة الموقع (من ص X – ص Y) واسم الكاتب وعنوان المقالة والعدد وغيرها من المعلومات الببليوغرافية . فالكثير منها يظهر بطريقة يصعب تحديد عنوان المجلة أو هوية المؤلف خاصة إذا لم يكن للمجلة أصل ورقى يمكن الرجوع إليه وتزداد المشكلة تعقيدا بتغير الـ (URL) للمجلة أو المقالة على الوب بين حين وآخر مما يضيع الأثر فى تتبع المقالة بعد فترة من صدورها.
5- لا يمكن التأشير والتعليق والكتابة إلا بعد الحصول على نسخة ورقية.
6- أحياناً وحسب تصميم صفحة المجلة الإلكترونية قد يصعب قراءتها على الخط المباشر Online بشكل واضح معتمداً على تصميم الخلفية والألوان والخطوط مما يضطر الباحث إلى الحصول على نسخة ورقية ولكنها تكون غير واضحة تماماً. وأكد على هذه المشكلة أيضاً Thomas Nisonger بما أطلق عليه مشكلة كفاءة شكل الدورية الإلكترونية Quality Control (8).
بالإضافة إلى ما تقدم فقد لاحظنا عند استعراضنا للأدبيات التركيز على مشكلات وتحديات تبدو أنها القاسم المشترك لأغلب المكتبات فى تعاملها مع الدورية الإلكترونية نستعرضها كالآتى : (9-11)
مشكلة التعامل مع أشكال غير موجودة فعليا داخل المكتبة وكيفية السيطرة عليها وحفظها ويطلق عليها مشكلة (Archiving of E-jouranl).
7- لقد تعودت المكتبات فى تعاملها مع الدوريات الورقية فى تسجيل وعرض ثم تجليد وحفظ الأعداد القديمة من الدوريات بل أن المكتبات تركز فى جمع وحفظ الأعداد المتكاملة لكل عناوينها وتقاس مجموعة المكتبة من الدوريات بتكامل أعدادها على الرفوف ولسنوات طويلة، ولتكون مرجعاً للباحثين وتحفظ حقوق المؤلفين للمقالات والبحوث. لقد اختلفت الحالة تماما مع الشكل الإلكترونى وعلى الرغم من وجود الشكل الورقى للكثير من الدوريات إلا أن الاتجاه العام نحو اعتماد البديل الإلكترونى معناه لا وجود ولا حفظ لما يظهر إلكترونياً فهل هذا صحيح وأين حق المؤلفين وكيف يحقق المستفيد البحث الراجع؟ وأصبحت المكتبات الآن تواجه الأسئلة التالية :
7-1 من يقوم بمهمة حفظ الأعداد القديمة ؟ هل الناشر المسؤول عن هذه الدورية ؟ وهل هذا العمل مضمون النتائج على المدى البعيد؟
7-2 المكتبات ذاتها ؟ وما هى المجلات التى يجب أن تحفظ وتوثق؟ وما هى الأسس المتبعة فى ذلك؟ وما هو الشكل الذى تحفظ عليه هذه المجلات؟ هل على الورق؟ أم على CDs أم على Diskettes أم على مصغرات فيلمية؟ وما هى الكلفة والجدوى من ذلك ؟
إن هذه المشكلة جعلت الكثير من المكتبات تتردد فى إلغاء اشتراكها للدوريات المطبوعة واستبدالها بقواعد البيانات التى توفر سبل الإتاحة للدوريات الإلكترونية، وصارت تشترك بالشكلين وتعاون الناشرين فى هذا المجال حيث أصبحوا يوفرون اشتراكات مخفضة أو مجانية بالشكلين.
8- مشكلة التقبل العلمى (Scholarly acceptance) لها من قبل مجتمع العلماء والباحثين الذى تعودوا على التفاعل مع أشكال ورقية واضحة للمعلومات الببليوغرافية تظهر فى أوقات منتظمة وتمتاز بالديمومة . إلا أن هذه المشكلة فى طريقها إلى التلاشى مع تزايد حجم عناوين الدوريات العلمية الرصينة التى تظهر بشكلها الإلكترونى .
9- كذلك لابد من التطرق إلى مشكلة تكشيف هذه الدوريات بشكلها الجديد ثم استخلاصها، ومن المعروف أن أهم عنصر فى نجاح وجود واستمرار الدوريات هو خدمات كشافاتها ومستخلصاتها وهذا ما عرفناه منذ أمد طويل عندما كانت تظهر الكشافات بشكلها الورقى ثم تحولت إلى الشكل المقروء آلياً لتشكل الآن أكثر وأضخم خدمات قواعد البيانات الببلوغرافية العامة والمتخصصة فى العالم. إن الدوريات الإلكترونية تعد دوريات حديثة العهد – خاصة التى تظهر بشكلها الإلكترونى فقط – قياساً بالورقية ونتيجة لذلك فإن وجودها ضعيف جداً فى أدوات ومصادر التكشيف والاستخلاص العالمية المعروفة (خدمات التكشيف والاستخلاص) Chemical Abstracts / Science Citation Index / MEDLINE وغيرها والتى تحولت إلى قواعد بيانات عالمية معروفة تشمل أفضل الدوريات فى العالم والتى يسعى كل الباحثين والمتخصصين لنشر بحوثهم ومقالاتهم فيها، لأنها تضمن لهم حقوق التأليف والنشر Copyright ومن خلال توثيق أسماءهم ووجودهم ضمن الكشاف للوصول إلى مقالاتهم المطلوبة. ونفس الشئ يقال بالنسبة للمكتبات التى تتجنب امتلاك دوريات ليس لها كشاف سنوى أو تراكمى أو مشمولة بإحدى قواعد البيانات الآنفة الذكر. فالتكشيف يعد واحداً من أهم معايير انتقاء العناوين للاشتراك فيها من قبل أى مكتبة فى العالم. وللحد من هذه المشكلة بادرت العديد من مؤسسات خدمات التكشيف العالمية إلى إدخال عناوين دوريات إلكترونية ضمن خدمات تكشيفها واستخلاصها منها على سبيل المثال:
1- ERIC Current index to journals in education.
2- PAIS Public Affairs Information Services.
3- SSCI Social Science Citation Index.
4- ECONLIT Economic – Related Literature Index.
5- Abstracts in anthropology.
6- America – history and life (abstract).
7- PSYCINFO database.
8- Social work Abstracts.
9- Sociological Abstracts.
وقد اعتمدت هذه الجهات مجموعة من المعايير لانتقاء عناوين الدوريات الإلكترونية التى يسمح بإدخالها ضمن خدمات تكشيفها واستخلاصها نوجزها بالآتى(12):
1- يجب أن يكون للمجلة المختارة هيئة تحرير أكاديمية أو صادرة عن جهة أكاديمية والتركيز على السمعة العلمية الرصينة للمجلات.
2- يجب أن تغطى المجلة فجوة موضوعية ضمن موضوعات كشافاتها. والتركيز هنا على حداثة موضوع الدورية وأنه غير مطروق سابقاً فى المجلات الورقية المشمولة بالتكشيف.
3- الاهتمام بالمعلومات الببليوغرافية المتكاملة للمقالة. والتأكيد على ضرورة أن تكون كافة المصادر المستخدمة والاستشهادات المرجعية متكاملة المعلومات.
4- أن تتناول موضوعات ذات اهتمام عالمى وأن مقالاتها يكثر الاستشهاد بها فى مجال التخصص.
5- انتظام الصدور وقد وضعت بعض المعايير الزمنية للانتظام مثلا وضعت (SSCI) أن تكون الدورية منتظمة الصدور لمدة ستة أشهر متتالية وبنفس الموعد المحدد لظهورها بالضبط.
6- التركيز على المجلات التى تظهر (Image Full Text) وليس فقط صفحات المحتويات (Contents) مع قلة الأخطاء الطباعية وشكل الإظهار للمقالة (Display Format).
اختيار الدوريات الإلكترونية
لقد تعودنا فى مكتباتنا على التعامل مع مصادر المعلومات الورقية وبعض المصادر الإلكترونية وفق أسس الاختيار المألوفة فى عالم المكتبات والسؤال المطروح الآن ماذا نعنى باختيار الدوريات الإلكترونية؟ وهل ستخضع هذه الدوريات لنفس أسس وقواعد الاختيار وبناء المجموعات؟ خاصة ضمن التعريفات السابقة للدورية الإلكترونية والتى تؤكد أن العديد منها غير متاح إلا بشكل إلكترونى رقمى عبر الإنترنت.
والحقيقة التى يجب مواجهتها من قبل المكتبات خاصة المعنيين بالاختيار وبناء المجموعات والاشتراك فى الدوريات هى أنهم باتوا يتعاملون مع شئ جديد مختلف تماماً حتى عن باقى مصادر المعلومات الإلكترونية كالأقراص المرنة والمكتنزة فهذا الشئ الجديد غالبا – متاح عبر وسائل الاتصال عن بعد ولكنه غير موجود فعلياً ضمن مجموعة المكتبة وداخل جدرانها ، وعليهم تطوير وتغيير الأسس والأساليب التى اتبعتها لفترات زمنية طويلة فى عمليات الاختيار لتتناسب مع هذه الحالة الجديدة التى أصبحت واقعاً فرضته على المكتبات التطورات التكنولوجية المتسارعة والمتجددة دائماً(13).
أسس اختيار الدوريات الإلكترونية :
على الرغم من الاختلاف بين اختيار الدوريات الورقية والإلكترونية إلا أن الأسس العامة للاختيار لم تتغير.
ويمكن حصرها ضمن ثلاثة محاور هى :
1- تحديد العناوين المطلوبة.
2- التقييم أو التقويم.
3- الاختيار.
1- تحديد العناوين المطلوبة
ونقصد بها هنا تحديد العناوين المطلوبة أى ما هى العناوين التى ستقوم المكتبة بطلبها لتكون ضمن مجموعاتها؟ ومن أهم مشكلات التعامل مع الدوريات الإلكترونية حداثة ظهورها وبالتالى قلة وجود أدوات السيطرة والضبط الببليوغرافى كالأدلة والكشافات لحصر ورصد هذه الدوريات وتوفير المعلومات الكاملة عنها (المعلومات الببليوغرافية والعناوين والناشر.. الخ) التى تضمن التواصل معها وتحديد موقعها ولكن هذه المشكلة فى طريقها إلى التلاشى مع زيادة هذه الأدوات وانتشارها السريع على مواقع الوب عبر شبكة الإنترنت ومن أشهر وأقدم هذه الأدوات الدليل المطبوع الصادر عن جمعية المكتبات البحيثة ARL الموسوم Directory of Electronic Journals, Newsletters and Academic Discussion Lists.
2- التقويم
ونقصد به هنا المعايير المعتمدة للتحقق من قيمة الدورية المطلوبة من حيث المحتوى / المعالجة الموضوعية / التخصص وعمقه / السمعة العلمية / الرصانة / اللغة/ التكشيف والاستخلاص / مستوى المؤلفين العلمى / هيئة التحرير / الجهة المصدرة / فترات الصدور / الانتظام والديمومة / وهذه المعايير يجب أن تبقى معتمدة مع الشكل الإلكترونى إضافة إلى الآتى :
2-1 الشكل الإلكترونى المتاح :
2-1-1 Online على الخط المباشر.
2-1-2 CD-ROM على القرص المكتنز.
2-1-3Website لها موقع على الوب وبشكل مباشر.
2-1-4Internet and other Networks من خلال شبكة انترنت وشبكات أخرى.
2-2 الخيارات المتاحة للاشتراك (14)
2-2-1 الاشتراك بالشكل الورقى مع الإلكترونى فى حالة توفرها بالشكلين. غالباً ما نحصل على الشكل الإلكترونى مجانا أو بالعكس يجب دفع مبالغ إضافية للاشتراك بالشكل الإلكترونى.
2-2-2 الاشتراك بالشكل الإلكترونى فقط وترك الورقى.
2-2-3 الاشتراك بالورقى دون الإلكترونى.
2-2-4 عدم الاشتراك بالشكل الإلكترونى والاكتفاء بالمشاركة ضمن التبادل التعاونى أو الاشتراك الرمزى عبر خدمة توفير المصادر من قبل الناشرين التجاريين المتخصصين بتوفير هذا النوع من الخدمات المعروفة بـ Document Delivery Services.
2-2-5 الاشتراك ضمن خدمات قواعد بيانات ومجهزى خدمات التكشيف والاستخلاص وجامعى الدوريات (aggregators) لضمان الوصول لبحوث ومقالات منشورة فى أعداد كبيرة جدا من الدوريات ومتاحة على الخط المباشر عبر شبكة الإنترنت.
2-2-6 الحصول على الدوريات الإلكترونية كجزء من الاشتراك التعاونى والمشترك (كحصص) بالاتفاق مع جهات أخرى مثل مجموعة مكتبات أو ضمن شبكة قطاعية.
2-3 أسلوب الاشتراك
2-3-1 الدفع المباشر كما هو الحال مع الدوريات الورقية إلى أى جهة من المذكورة فى (2) أعلاه.
2-3-2 دفع رسم إجازة الترخيص للدخول إلى الدوريات الإلكترونية واستخدامها (licenses) والتى تؤمن للمشترك كلمة السر والعبور Password.
2-4 منافذ الحصول على الدوريات الإلكترونية (15)
2-4-1 من خلال مجموعة المتعاملين فى سوق المعلومات الإلكترونية المعروفين حالياً بـ Aggregators.
2-4-1-1 Subscription agents
2-4-1-2 Database providers.
2-4-1-3 Journal titles.
2-4-1-4 Authors names.
وهذه الجهات تقدم خدمات التصفح والبحث من خلال الكلمات المفتاحية فى عنوان المقالة وعنوان المجلة والمستخلص إضافة إلى اسم الكاتب معتمدة فى البحث على اللغة الطبيعية والمنطق البوليانى مع خدمات الحصول على الفصول كاملة وتأمينها عبر التلفاكس والبريد الإلكترونى.
2-4-2 خدمات التكشيف والاستخلاص وهى قواعد بيانات ببليوغرافية يتم الاتصال بها من خلال مقدمى هذه الخدمة. وتقدم خدمات بحثية متقدمة بالاعتماد على اللغات المقيدة controlled language وكشافات موضوعية ومكانز.
2-4-3 الدفع مقابل المشاهدة pay-per- view وهذه خدمة جديدة طرحها ناشرو الدوريات الإلكترونية وهى الدفع مقابل الحصول على مقالات محددة دون الحاجة إلى الاشتراك بكامل الدورية.
2-5 معايير أخرى للتقويم
2-5-1 شروط الحصول على الترخيص أو الاشتراك.
2-5-2 ضمان الإتاحة المستمرة والدائمة reliability of access.
2-5-3 الثبات stability.
2-5-4 سهولة دخول المستفيد user interface.
3- الاختيار:
وتعتمد نفس أسس اختيار الدوريات الورقية وأهمها الآتى :
3-1 حاجات المستفيدين.
3-2 الميزانية (الكلفة).
إضافة إلى ما تقدم يمكن اعتماد عنصر جديد يخص الدوريات الإلكترونية هو :
3-3 إعادة تأهيل الكادر بشكل يتلاءم مع التعامل مع اختيار الدوريات الإلكترونية.
تجارب ونماذج لتعامل مؤسسات علمية ومكتبات مع الدوريات الإلكترونية
فيما يلى تجارب ونماذج علمية ومكتبات خاضت تجربة التعامل مع الدوريات الإلكترونية يمكن للمكتبات العربية الاستفادة منها لخوض هذه التجربة.
التجربة الأولى : (16)
مكتبات مؤسسة ماساشوست للتكنولوجيا Massachusetts Institute of Technology Libraries (MITls) لقد أعلنت مديرية مكتبات هذه المؤسسة بأن التحدى الجديد للمكتبات البحثية المتخصصة هوما يعرف بـ (Digital sustainability) ويمكن أن نعبر عنه بأنه كيفية الحفاظ على وجود ومحاولة الإبقاء والمحافظة على المعلومات الرقمية لفترات زمنية طويلة وبعبارة أخرى (ديمومة المعلومات الرقمية).
وقد استطاعات هذه المكتبات أن تستفيد من الدعم المادى الذى خصصته مؤسسة Andrew W. Mellon والبالغ 145.000 $ دولار لتطوير خطة مستقبلية لحفظ والسيطرة على المعلومات التى تحتويها المجلات الإلكترونية (archiving) وبالذات الدوريات الإلكترونية البحثية والعلمية المتاحة عبر شبكة الإنترنت وعلى الوب وأطلق على هذه المجلات اسم (Dynamic e-journal).
وباشرت مكتبة (MIT) وبالتعاون مع مجموعة من المؤسسات والناشرين المعروفين فى مجال العلوم والتكنولوجيا مثل :
American Association for the Advancement of Science (AAAS) و Columbia University Press بإنشاء ما يعرف حالياً بالمجلات الإلكترونية الديناميكية (*)Dynamic e-journal على الوب لتشجيع الجهات العلمية والمكتبات لولوج مجال النشر الإلكترونى للدوريات البحثية العلمية وتوسيع قاعدتها بين الباحثين والعلماء كبديل مستقبلى للدورية الورقية. وبادرت (MIT) بإصدار أول مجلة إلكترونية ديناميكية لها بعنوان Cognet فى شهر أيلول من عام 2000 وهى مجلة متخصصة بالبحوث الطبية وبالذات فى مجال علوم الدماغ والجراحة.
التجربة الثانية : (17)
مؤسسة المعلومات اليوم Information Today Inc. (ITI) أعلنت مؤسسة المعلومات اليوم (ITI) أن مطبوعها الموسوم بـ مستخلصات علم المعلومات Information Science Abstracts (ISA) قد باشر بتغطية مجموعة من المجلات الإلكترونية ضمن خدمات مستخلصاته فى حقل علم المعلومات. وخصص العدد الثامن من المجلد الخامس والثلاثين لعام 2001 لعدد من المجلات الإلكترونية التى تضمنها المستخلص كنموذج تعريفى بهذه الخدمة الجديدة للمؤسسة وقد اعتمدت فى اختيارها للعناوين على عدة معايير منها :
1- أن يكون للمجلة رقماً معيارياً دولياً ISSN
2- أن تتضمن المجلة بحوثا ومقالات تعريفية review articles أما عناوين الدوريات التى دخلت فى خدمة المستخلصات كدفعة أولى فهى :
1- Ariada
2- D-lib Magazine
3- First Monady
4- PACS-R
5- Public Access System Review
6- Review of Information Science
7- Issues in Science and Technology Librarianship
8- Library and Information Science Research
9- LIBRES
10- Journal of Library Services for Distance Education.
التجربة الثالثة : (18)
تجربة خدمات المعلومات EBSCO
أعلنت خدمة المعلومات المشهورة عالمياً EBSCO بأن مجموع الدوريات الإلكترونية المتاحة عبر خدماتها على الخط المباشر Online وعلى الويب
قد بلغ 4000 مجلة وبالنص الكامل Full Text و Image وليس كاستشهاد مرجعى citation أو مستخلص Abstract. وبهذه تكون EBSCO قد تفوقت على كافة مقدمى خدمات المعلومات الإلكترونية بهذا الكم من الدوريات الرصينة وبالنص الكامل.
ومن المعروف أن خدمة معلومات EBSCO على الخط المباشر عبارة عن أداة بحثية تتيح سبل الوصول إلى النصوص الكاملة للبحوث ودوريات علمية منشورة على الخط المباشر إلكترونيا وباستطاعة المستفيد البحث فى قائمة محتويات المجلات أو مستخلصاتها إضافة إلى النص الكامل والصورة طبق الأصل مع توفر إمكانات الربط بين النص الكامل وكافة نقاط الإتاحة الأخرى المتوفرة على موقع الوب.
وقد أضافت لخدماتها قاعدة بيانات جديدة ضمت أكثر من 400 مجلة إلكترونية بالنص الكامل فى مجال علم النفس صممت خصيصاً لطلبة مرحلة البكالوريوس فى هذا المجال.
كذلك وفرت قاعدة أخرى تضم 500 مجلة إلكترونية بالنص الكامل فى علم الاجتماع حيث يمكن البحث فيها كقاعدة مستقلة ويمكن للباحث فى نفس الوقت الربط ما بين الاستشهادات المرجعية الواردة فى النص الكامل مع المصدر المعروف بـ مستخلصات علم الاجتماع Sociological Abstracts من خلال أدوات الربط الذكية التى توفرها EBSCO وتعرف هذه الأدوات بـ (Smart Links).
التجربة الرابعة : (19)
وهنا نستعرض تجربة شبكة سويتس لخدمات الاشتراك Swits Net (*)Subscription Service عقدت هذه المؤسسة المشهورة حاليا فى مجال الربط بين المجلات الإلكترونية وإتاحتها للمكتبات والمؤسسات اتفاقية مع اثنين من أشهر الناشرين فى العالم بمجال الطب وهما Karger(*) و Munksgaard (**)ولتوفير خدمة الإتاحة لمجموعة من أشهر المجلات الأحيا-طبية (Biomedical) وعددها 2800 مجلة عبر شبكة (Swets net) وإضافة إلى ما تقدم أعلنت دار نشر munksgaard خلال عام 2000 عن بدء خدمة الدوريات الإلكترونية لديه وبالنص الكامل بالاتفاق مع الناشر العالمى Blackwell.
التجربة الخامسة : (20)
مكتبة جامعة دركسل Drexel University Library
لقد اخترنا هذه التجربة لتوافقها الكبير مع ما ذكرناه من مميزات وفوائد الدوريات الإلكترونية، فهى دليل علمى ناجح على التحول نحو الدوريات الإلكترونية فى المكتبات، بدأت المكتبة تجربتها عام 1998، ومع بداية عام 2000 كانت الاشتراكات 800 دورية ورقية مقابل 4951 دورية إلكترونية عبر اتفاقيات مع 47 مجهز وجامع مقالات دوريات إلكترونية (aggregation) وذكرت مديرة المكتبة بأنها تجربة فريدة من نوعها وتحدى كامل لكل إجراءات المكتبة. واعتمدت المكتبة فى تجربتها على توفير أرضية صالحة ومشجعة تمثلت بالآتى :
1- توفر البنية التحتية المناسبة من شبكات اتصال متطورة وحواسيب عالية الكفاءة وتمتع مجتمع الجامعة مع أساتذة وطلبة بمهارات حاسوبية متطورة.
2- التحمس الشديد لدى رئيس الجامعة، وتقديم الدعم المادى للمشروع من قبل الجامعة.
3- عدم ارتياح مجتمع الجامعة من الأساتذة والطلبة من التعامل مع الدوريات الورقية بعد تناقص أعدادها بسبب تقليص الاشتراكات الناتج عن مشاكل اقتصادية واجهت المكتبات.
واعتمدت المكتبة مجموعة معايير للاشتراك فى الدوريات الإلكترونية هى :
1- وضوح الصورة Image Resolution والألوان.
2- توفر URL لكل مجلة وبشكل ثابت.
3- مواصفات البحث الناجح.
4- أسلوب الإتاحة ومرونته على الخط المباشر.
5- استخدام الروابط الذكية Smart Links والتى توفر إمكانية الربط بين النصوص الكاملة والاستشهادات المرجعية والمراجع والمصادر والمستخلصات ومع دوريات أخرى متوفرة على الخط المباشر.
6- أشكال العرض (HTML and / or PDF) Display Format.
ولقد توصلت المكتبة إلى جملة حقائق ونتائج إيجابية أهمها :
1- التحول نحو الدوريات الإلكترونية قد خفض عدد الموظفين التقليديين.
2- التحول نحو الدوريات الإلكترونية قد أوجد الحاجة إلى موظفين بكفاءة معينة للتعامل مع نظم معلومات ومواقع الوب وناشرين وجامعى دوريات إلكترونية، إضافة إلى خبرات فى تقديم خدمات معلومات متطورة فى هذا المجال مما أدى إلى زيادة الكلفة من هذه الناحية.
3- اختصار شديد فى المساحة.
4- انخفضت نسبة ترفيف المجلدات إلى 29% خلال العام 99 / 2000.
5- انخفضت نسبة ترفيف الأعداد الجارية إلى 30%.
6- انخفضت نسبة خدمات التصوير من المجلدات الورقية إلى 20%.
7- انخفضت نسبة خدمة الرد على الاستفسارات حول الدوريات إلى 20% وارتفعت خدمات تدريب المستفيدين للتعامل مع الدوريات الإلكترونية.
8- تغيير فى طبيعة الوظائف المكتبية المتخصصة واستحداث وظيفة بعنوان مكتبى مصادر معلومات إلكترونية (electronic resource libarian) مهمته التعامل مع هذه المصادر وإعداد قواعد البيانات المتكاملة لربط كافة مصادر المعلومات الإلكترونية فى المكتبة وعقد الاتفاقات مع جامعى المجلات الإلكترونية.
المكتبات العربية والدوريات الإلكترونية ؟
بعد هذه الدراسة والاتجاهات العلمية الحديثة نسأل هذا السؤال :
أين المكتبة العربية من مصادر المعلومات الإلكترونية وبالذات الدوريات الإلكترونية ؟ هل ستبقى المكتبة العربية تتعامل مع الشكل الورقى وإجراءاته التقليدية وتعانى من مشكلات الطلبات المتأخرة ونقص المعلومات؟ لقد اقتحمت تكنولوجيا الحاسبات المكتبات العربية بقوة وغيرت الكثير من المفاهيم وصارت المكتبات العربية – ولو بدرجات متفاوتة – تسارع إلى حوسبة إجراءاتها وخدماتها من خلال البرمجيات الجاهزة أو المعدة محلياً وتحولت بعضها كلياً إلى مكتبات إلكترونية فعالة فى حين لا تزال الأغلبية خاضعة ومتحفظة، فى حين تتخبط بعضا منها فى تجربتها، ولقد اقتنت العديد من المكتبات الأقراص الليزرية واشتركت بخدمات الخط المباشر واستخدمت الإنترنت لتقديم خدمات المعلومات.
إلا أن تجربة الدوريات الإلكترونية ربما لا تزال من التحديات الكبيرة لمكتباتنا العربية – ما دامت هى الآن تحديا للمكتبة الإنجليزية – وكما لاحظنا بأن التعامل مع الدورية الإلكترونية قد أثر فعلياً فى كل جوانب المكتبة الفنية والإدارية لأن الدوريات لها خصوصيتها وطبيعتها الخاصة.
برأينا – وبضوء – الدراسة نقدم المقترحات التالية لمكتباتنا العربية ونحاول ان نرسم لها تصورات المستقبل القريب فى تعاملها مع أهم مصدر معلومات وهو الدورية الإلكترونية :
1- على المكتبة العربية أن تخوض هذه التجربة بأسرع وقت ممكن فالدورية الإلكترونية أصبحت حقيقة واقعة ولها دور مهم كمصدر سريع وعملى للمعلومات والاتجاه نحوها فى تزايد مستمر.
2- إن على المكتبة العربية أن تهيئ البنية التحتية المناسبة لها ونحن نجد أن أكثر مكتباتنا العربية أصبح لها القدرة على امتلاك حواسيب وعمل شبكات محلية واشتراك فى الإنترنت ولكننا نجد أن هذه وحدها لا تكفى ، ما نعتقده الأهم هو تغيير فلسفة ومفهوم التعامل مع مصادر المعلومات الإلكترونية الجديدة وأن امتلاك أجهزة وإعداد قواعد بيانات وحدها لا يمكن أن نطلق عليها تكنولوجيا متقدمة بل أسلوب التعامل مع المعلومات الإلكترونية وكيفية الاستفادة منها ويتم ذلك عن طريق النقطة التالية.
3- أن تعيد أقسام المكتبات والمعلومات النظر فى مناهجها ورؤيتها لفلسفة المهنة فى ظل بيئة تكنولوجيا المعلومات عام 2000 وليس تكنولوجيا المعلومات عام 1980.
إن أهم نقطة برأينا هو تهيئة طاقات بشرية جديدة مؤهلة للتعامل مع الدوريات الإلكترونية تتعامل مع فكرة تزويد إلكترونى ومجهزى وجامعى دوريات إلكترونية وكيفية التعرف عليهم والتعامل معهم على الوب وعبر الإنترنت وعقد اتفاقيات ومعرفة مفهوم Smart Links وكيفية الربط بين قواعد Full Text وعناوين الدوريات ثم الانتقال من موقع إلى آخر. هذه المفاهيم وغيرها باتت واقع وحقيقة لابد من تهيئة الطلبة لها فالتعامل مع الدوريات الورقية وإجراءات التزويد والسيطرة عليها تقليديا لم يعد مفيدا جدا. وهذا أيضاً يشمل كل الإجراءات كالفهرسة والإعارة وخدمات المعلومات والمراجع.
4- إعادة تأهيل الموظفين فى المكتبات العربية للتعامل مع هذه المصادر الإلكترونية فى التزويد وخدمات المعلومات والفهرسة.
5- تنشيط التعاون بين المكتبات العربية لولوج هذه التجربة وتفعليها بشكل يعمم الفائدة على أكثر من مكتبة، مستفيدين من طاقات وخبرات وإمكانات بعضهم البعض – خاصة الجامعية.
6- تنشيط التعاون فى هذه المرحلة بين المكتبيين واختصاصي الحواسيب لتهيئة كوادر متخصصة لتهيئة البنية التحتية المناسبة لاستخدام هذا المصدر وتقديم خدمات المعلومات بنجاح.


** منقول: من موقع cybrarians